عن علي رضى الله عنه أن التوبة يجمعها ستة أشياء على الماضي من الذنوب الندامة وللفرائض الإعادة ورد المظالم واستحلال الخصوم وأن تعزم على أن لا تعود وأن تذيب نفسك في طاعة الله تعالى كما ربيتها في المعصية وأن تذيقها مرارة الطاعة كما أذقتها حلاوة المعصية وعن شهر بن حوشب أن لا يعود ولو حز بالسيف وأحرق بالنار وقيل نصوحا من نصاحة الثوب أي توبة ترفو خروقك في دينك وترم خللك وقيل خالصة من قولهم عسل ناصح إذا خلص من الشمع ويجوز أن يراد توبة تنصح الناس أي تدعوهم إلى مثلها لظهور أثرها في صاحبها واستعماله الجد والعزيمة في العمل بمقتضياتها وقرئ توبا نصوحا وقرئ نصوحا وهو مصدر نصح فإن النصح والنصوح كالشكر والشكور أي ذات النصح أو تنصح نصوحا أو توبوا لنصح أنفسكم على أنه مفعول له «عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار» ورود صيغة الأطماع للجرى على سنن الكبرياء والإشعار بأنه تفضل والتوبة غير موجبة له وأن العبد ينبغي أن يكون بين خوف ورجاء وإن بالغ في إقامة وظائف العبادة «يوم لا يخزي الله النبي» ظرف ليدخلكم «والذين آمنوا معه» عطف على النبي وفيه تعريض بمن أخزاهم الله تعالى من أهل الكفر والفسوق واستحماد إلى المؤمنين على انه عصمهم من مثل حالهم وقيل هو مبتدأ خبره قوله تعالى «نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم» أي عل الصراط وهو على الأول استئناف أو حال وكذا قوله تعالى «يقولون» الخ وعلي الثاني خبر آخر للموصول أي يقولون إذا طفىء نور المنافقين «ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شيء قدير» وقيل يدعون تقربا إلى الله مع تمام نورهم وقيل تفاوت أنوارهم بحسب أعمالهم فيسألون إتمامه تفضلا وقيل السابقون إلى الجنة يمرون مثل البرق على الصراط وبعضهم كالريح وبعضهم حبوا وزحفا وأولئك الذين يقولون ربنا أتمم لنا نورنا «يا أيها النبي جاهد الكفار» بالسيف «والمنافقين» بالحجة «واغلظ عليهم» واستعمل الخشونة على الفريقين فيما تجاهدهما من القتال والمحاجة «ومأواهم جهنم» سيرون فيها عذابا غليظا «وبئس المصير» أي جهنم أو مصيرهم «ضرب الله مثلا للذين كفروا» ضرب المثل في أمثال هذه المواقع عبارة عن إيراد حالة غريبة ليعرف بها حالة أخرى مشاكلة في الغرابة اى جعل الله مثلا لحال هؤلاء الكفرة حالا ومآلا على ان مثلا مفعول ثان لضرب واللام متعلقة به وقوله تعالى «امرأة نوح وامرأة لوط» أي حالهما مفعولة الأول أخر عنه ليتصل به ما هو شرح وتفصيل لحالهما ويتضح بذلك حال هؤلاء فقوله تعالى «كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين» بيان لحالهما الداعية لها إلى الخير والصلاح أي كانتا في عصمة نبيين عظيمي الشأن متمكنين من تحصيل خيري الدنيا والآخرة وحيازه سعادتيهما وقوله تعالى «فخانتاهما»
(٢٦٩)