تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٨ - الصفحة ٢٤٥
لهم والجملة في حيز الحال على ما بين مرارا «هو الذي أرسل رسوله بالهدى» بالقرآن أو بالمعجزة «ودين الحق» والملة الحنيفة «ليظهره على الدين كله» ليعليه على جميع الأديان المخالفة له ولقد أنجز الله عز وجل وعلا وعده حيث جعله بحيث لم يبق دين من الأديان إلا وهو مغلوب مقهور بدين الإسلام «ولو كره المشركون» ذلك وقرئ هو الذي أرسل نبيه «يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم» وقرئ تنجيكم بالتشديد وقوله تعالى «تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم» استئناف وقع جوابا عما نشأ مما قبله كأنهم قالوا كيف نعمل أو ماذا نصنع فقيل تؤمنون بالله الخ وهو خبر في معنى الأمر جئ للإيذان بوجوب الامتثال فكان فقد وقع فأخبر بوقوعه ويؤيده قراءة من قرأ آمنوا بالله ورسوله وجاهدوا وقرئ تؤمنوا وتجاهدوا على إضمار لام الأمر «ذلكم» إشارة إلى ما ذكر من الإيمان والجهاد بقسميه وما فيه من معنى البعد لما مر غير مرة «خير لكم» على الإطلاق أو من أموالكم أو أنفسكم «إن كنتم تعلمون» أي إن كنتم من أهل العلم فإن الجهلة لا يعتد بأفعالهم أو إن كنتم تعلمون أنه خير لكم كان خيرا لكم حينئذ لأنكم إذا علمتم ذلك واعتفدتموه أحببتم الإيمان والجهاد فوق مال تحبون أنفسكم وأموالكم فتخلصون وتفلحون «يغفر لكم ذنوبكم» جواب للأمر المدلول عليه بلفظ الخبر أو لشرط أو استفهام دل عليه الكلام تقديره إن تؤمنوا وتجاهدوا أو هل تقبلون أن أدلكم يغفر لكم وجعله جوابا لهل أدلكم بعيد لأن مجرد الدلالة لا يوجب المغفرة «ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك» أي ما ذكر من المغفرة وإدخال الجنات الموصوفة بما ذكر من الأوصاف الجليل «الفوز العظيم» الذي لا فوز وراءه «وأخرى» ولكم إلى هذه النعم العظيمة نعمة أخرى عاجلة «تحبونها» وترغبون فيه وفيه تعريض بأنهم يؤثرون العاجل على الآجل وقيل أخرى منصوبة بإضمار يعطكم أو تحبون أو مبتدأ خبره «نصر من الله» وهو على الأول بدل أو بيان وعلى تقدير النصب خبر مبتدأ محذوف «وفتح قريب» أي عاجل عطف على
(٢٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 250 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة