تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٨ - الصفحة ٢٤٩
لذمهم والتسجيل عليهم بأنهم ظالمون في كل ما يأتون وما يذرون من الأمور التي من جملتها ادعاء ما هم عنه بمعزل والجملة تذييل لما قبلها مقررة لمضمونه أي عليم بهم وبما صدر عنهم من فنون الظلم والمعاصي المفضية إلى أفانين العذاب وبما سيكون منهم من الاحتراز عما يؤدي إلى ذلك فوقع الأمر كما ذكر فلم يتمن منهم موته أحد كما يعرب عنه قوله تعالى «قل إن الموت الذي تفرون منه» فإن ذلك إنما يقال لهم بعد ظهور فرارهم من التمني وقد قال عليه الصلاة والسلام لو تمنوا لما توا من ساعتهم وهذه إحدى المعجزات أي إن الموت الذي تفرون منه ولا تجسرون على ان تتمنوه مخافة ان تؤخذوا بوبال كفركم «فإنه ملاقيكم» البتة من غير صارف يلويه ولا عاطف يثنيه والفاء لتضمن الاسم معنى الشرط باعتبار الوصف وقرئ بدونها وقرئ تفرون منه ملاقيكم «ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة» الذي لا تخفى عليه خافية «فينبئكم بما كنتم تعملون» من الكفر والمعاصي بأن يجازيكم بها «يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة» أي فعل النداء لها أي أذن لها «من يوم الجمعة» بيان لإذا وتفسير لها وقيل من بمعنى في كما في قوله تعالى أروني ماذا خلقوا من الأرض أي في الأرض وإنما سمى جمعة لاجتماع الناس منه للصلاة وقيل أول من سماها جمعة كعب بن لؤي وكانت العرب تسميه العروبة وقيل إن الأنصار قالوا قبل الهجرة لليهود يوم يجتمعون فيه بكل سبعة أيام وللنصارى مثل ذلك فهلموا نجعل لنا يوما نجتمع فيه فنذكر الله فيه ونصلى فقالوا يوم السبت لليهود ويوم الأحد للنصارى فاجعلوه يوم العروبة فاجتمعوا إلى سعد بن زرارة فصلى بهم ركعتين وذكر هم فسموه يوم الجمعة لاجتماعهم فيه فأنزل الله آية الجمعة فهي أول جمعة كانت في الإسلام وأما أول جمعه جمعها رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو أنه لما قدم مهاجرا نزل قباء على بني عمرو بن عوف وأقام بها يوم الاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس وأسس مسجدهم ثم خرج يوم الجمعة عامدا المدينة فأدركته صلاة الجمعة في بني سالم بن عوف في بطن وادلهم فحطب وصلى الجمعة «فاسعوا إلى ذكر الله» أي امشوا واقصدوا إلى الخطبة والصلاة «وذروا البيع» واتركوا المعاملة «ذلكم» أي السعي إلى ذكر الله وترك البيع «خير لكم» من مباشرته فإن نفع الآخرة أجل وأبقى «إن كنتم تعلمون» أي الخبر والشر الحقيقيين أو إن كنتم أهل العلم «فإذا قضيت الصلاة»
(٢٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 244 245 246 247 248 249 250 251 252 253 254 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة