تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٨ - الصفحة ٢٤٤
الكريم ويرتضيه الذوق السليم وأما ما قيل بصدد بيان أسباب الأذية من انهم كانوا يؤذونه عليه الصلاة والسلام بأنواع الأذى من انتقاصه وعيبه في نفسه وجحود آياته وعصيانه فيما تعود إليهم منافعه وعبادتهم البقر وطلبهم رؤية الله جهرة والتكذيب الذي هو تضييع حق الله وحقه فمما لا تعلق له بالمقام وقوله تعالى «وإذ قال عيسى ابن مريم» إما معطوف على إذ الأولى معمول لعاملها وإما معمول لمضمر معطوف على عاملها «يا بني إسرائيل» ناداهم بذلك استمالة لقلوبهم إلى تصديقه في قوله «إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة» فإن تصديقه عيه الصلاة والسلام إياها من أقوى الدواعي إلى تصديقهم إياه وقوله تعالى «ومبشرا برسول يأتي من بعدي» معطوف على مصدقا داع إلى تصديقه عليه الصلاة والسلام مثله من حيث إن البشارة به واقعة في التوراة والعامل فيهما ما في الرسول من معنى الإرسال لا الجار فإنه صلة للرسول والصلات بمعزل من تضمن معنى الفعل وعليه يدور العمل أي أرسلت إليكم حال كونى مصدقا لما تقدمني من التوراة ومبشرا بمن يأتي من بعدى من رسول «اسمه أحمد» أي محمد صلى الله عليه وسلم يريد أن ديني التصديق بكتب الله وأنبيائه جميعا ممن تقدم وتأخر وقرئ من بعدى بفتح الياء «فلما جاءهم بالبينات» أي بالمعجزات الظاهرة «قالوا هذا سحر مبين» مشيرين إلى ما جاء به أو إليه عليه الصلاة والسلام وتسميته سحرا للمبالغة ويؤيده قراءة من قرأ هذا ساحر «ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب وهو يدعى إلى الإسلام» أي أي الناس أشد ظلما ممن يدعى إلى الاسلام الذي ويوصله إلى سعادة الدارين فيضع موضع الإجابة الافتراء على الله عز وجل بقوله لكلامه الذي هو دعاء عباده إلى الحق هذا سحر أي هو أظلم من كل ظالم وإن لم يتعرض ظاهر الكلام لنفى المساوى وقد مر بيانه غير مرة وقرئ يدعى يقال دعاه وادعاه مثل لمسه والتمسه «والله لا يهدي القوم الظالمين» أي لا يرشدهم إلى ما فيه فلاحهم لعدم توجههم إليه «يريدون ليطفئوا نور الله» أي يريدون أن يطفئوا دينه أو كتابه أو حجته النيرة واللام مزيدة لما فيها من معنى الإرادة تأكيدا لها كما زيدت لما فيها من معنى الإضافة تأكيدا لها في لا أبالك أو يريدون لافتراء ليطفئوا نور الله «بأفواههم» بطعنهم فيه مثلت حالهم بحال من ينفخ في نور الشمس بفيه ليطفئه «والله متم نوره» أي مبلغه إلى غايته بنشره في الآفاق وإعلائه وقرئ متم نوره بلا إضافة «ولو كره الكافرون» أي إرغاما
(٢٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 239 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة