تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٨ - الصفحة ١٦٩
في تعداد بعض ما ذكر من الأنباء الموجبة للإزدجار ونوع تفصيل لها وبيان لعدم تأثرهم بها تقريرا لفحوى قوله تعالى فما تغنى النذر أي فعل التكذيب قبل تكذيب قومك قوم نوح وقوله تعالى «فكذبوا عبدنا» تفسيرا لذلك التكذيب المبهم كما في قوله تعالى ونادى نوح ربه فقال رب الخ وفيه مزيدة تقرير وتحقيق للتكذيب وقيل معناه كذبوه تكذيبا إثر تكذيب كلما خلا منهم قرن مكذب جاء عقيبه قرن آخر مكذب مثله وقيل كذبت قوم نوح الرسل فكذبوا عبدنا لأنه من جملتهم وفي ذكره عليه الصلاة والسلام بعنوان العبودية مع الإضافة إلى نون العظمة تفخيم له عليه الصلاة السلام ورفع لمحله وزيادة تشنيع لمكذبيه «وقالوا مجنون» أي لم يقتصروا على مجرد التكذيب بل نسبوه إلى الجنون «وازدجر» عطف على قالوا اى وزجر عن التبليغ بأنواع الأذية وقيل هو من جملة ما قالوه أي هو مجنون وقد ازدجرته الجن وتخبطته «فدعا ربه أني» أي بأني وقرئ بالكسر على إرادة القول «مغلوب» أي من جهة قومي مالي قدرة على الانتقام منهم «فانتصر» اى فانتقم لي منهم وذلك بعد تقرر يأسه منهم بعد اللتيا والتي فقد روى أن الواحد منهم كان يلقاه فيخنقه حتى يخر مغشيا عليه ويقول اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون «ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر» منصب وهو تمثيل لكثرة الأمطار وشدة انصبابها وقرئ ففتحنا بالتشديد لكثرة الأبواب «وفجرنا الأرض عيونا» أي جعلنا الأرض كلها كأنها عيون متفجرة وأصله بالتشديد وفجرنا عيون الأرض فغير قضاء لحق المقام «فالتقى الماء» أي ماء السماء وماء الأرض والإفراد لتحقيق أن التقاء الماءين لم يكن بطريق المجاورة والتقارب بل بطريق الاختلاط والاتحاد وقرئ الماءان لاختلاف النوعين والماوان بقلب الهمزة واو «على أمر قد قدر» أي كائنا على حال قد قدرها الله تعالى من غير تفاوت أو على حال قدرت وسويت وهو أن قدر ما أنزل على قدر ما اخرج أو على أمر قدره الله تعالى وهو هلاك قوم نوح بالطوفان «وحملناه» أي نوحا عليه السلام «على ذات ألواح» أي أخشاب عريضة «ودسر» ومسامير جمع دسار من الدسر وهو الدفع وهي صفة للسفينة أقيمت مقامها من حيث أنها كالشرح لها تؤدي مؤداها «تجري بأعيننا» بمر أي منا أي محفوظة بحفظنا
(١٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة