تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٨ - الصفحة ١٦٦
تعقيبه بقوله تعالى «أزفت الآزفة» إشعار بان تعذيبهم مؤخر إلى يوم القيامة أي دنت الساعة الموصوفة بالدنو في نحو قوله تعالى اقتربت الساعة «ليس لها من دون الله كاشفة» أي ليس لها نفس قادرة على كشفها عند وقوعها إلا الله تعالى لكنه لا يكشفها أو ليس لها الآن نفس كاشفة بتأخيرها إلا الله تعالى فإنه المؤخر لها أو ليس لها كاشفة لوقتها إلا الله تعالى كقوله تعالى لا يجليها لوقتها إلا هو أو ليس لها من غير الله تعالى كشف على أن كاشفة مصدر كالعافية «أفمن هذا الحديث» أي القرآن «تعجبون» إنكارا «وتضحكون» استهزاء مع كونه أبعد شيء من ذلك «ولا تبكون» حزنا على ما فرطتم في شانه وخوفا من ان يحيق بكم ما حاق بالأمم المذكورة «وأنتم سامدون» أي لاهون أو مستكبرون من سمد البعير إذا رفع رأسه أو مغنون لتشغلوا الناس عن استماعه من السمود بمعنى الغناء على لغة حمير أو خاشعون جامدون من السمود بمعنى الجمود والخشوع كما في قول من قال [رمى الحدثان نسوة آل سعد * بمقدار سمدن له سجودا] [فرد شعورهن السود بيضا * ورد وجوههن البيض سودا] * والجملة حال من فاعل لا تبكون خلا أن مضمونها على الوجه الأخير قيد للمنفى والإنكار وارد على نفى البكاء والسمود معا وعلى الوجوه الأول قيد للنفي والإنكار متوجه إلى نفى البكاء ووجود السمود والأول أوفى بحق المقام فتدبر والفاء في قوله تعالى «فاسجدوا لله واعبدوا» لترتيب الأمر أو موجبه على ما تقرر من بطلان مقابلة القرآن بالإنكار والاستهزاء ووجوب تلقيه بالإيمان مع كمال الخضوع والخشوع أي وإذا كان الأمر كذلك فاسجدوا لله الذي أنزله واعبدوا عن النبي عليه الصلاة والسلام من قرأ سورة النجم أعطاه الله تعالى عشر حسنات بعدد من صدق بمحمد وجحد به بمكة شرفها الله تعالى
(١٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة