تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٨ - الصفحة ١٥٨
الحاج وقيل كان يلت السويق بالطائف ويطعمه الحاج فلما مات عكفوا على قبره يعبدونه وقيل كان يجلس على حجر فلما مات سمى الحجر باسمه وعبد من دون الله وقيل كان الحجر على صورته والعزى تأنيث الأعز كانت لغطفان وهى سمرة كانوا يعبدونها فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد فقطعها فخرجت منها شيطانه ناشرة شعرها واضعة يدها على رأسها وهي تولول فجعل خالد يضربها بالسيف حتى قتلها فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال تلك العزى ولن تعبد أباد ومناة صخرة لهذيل وخزاعة وقيل لثقيف وكأنها سميت مناة لأن دماء النسائك تمنى عندها أي تراق وقرئ ومناءة وهي مفعلة من النواء كأنهم كانوا يستمطرون عندها الأنواء تبركا بها والأخرى صفة ذم لها وهي المتأخرة الوضيعة المقدار وقد جوز أن تكون الأولية والتقدم عندهم للات والعزى ثم أنهم كانوا مع ما ذكر من عبادتهم لها يقولون إن الملائكة وتلك الأصنام بنات الله تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا فقيل لهم توبيخا وتبكيتا أفرأيتم الخ والهمزة للإنكار والفاء لتوجيهه إلى ترتيب الرؤية على ما ذكر من شؤون الله تعالى المنافية لها غاية المنافاة وهي قلبية ومفعولها الثاني محذوف لدلالة الحال عليه فالمعنى عقيب ما سمعتم من اثار كمال عظمة الله عز وجل في ملكه وملكوته وجلاله وجبروته وأحكام قدرته ونفاذ امره في الملأ الأعلى وما تحت الثرى وما بينهما رأيتم هذه الأصنام مع غاية حقارتها وقماءتها بنات له تعالى وقيل المعنى أفرأيتم هذه الأصنام مع حقارتها وذلتها شركاء الله تعالى مع ما تقدم من عظمته وقيل أخبروني عن آلهتكم هل لها شئ من القدرة والعظمة الت وصف بها رب العزة في الآي السابقة وقيل المعنى أظننتم أن هذه الأصنام التي تعبدونها تنفعكم وقيل أظننتم أنها تشفع لكم في الآخرة وقيل أفرأيتم إلى هذه الأصنام إن عبدتموها لا تنفعكم وإن تركتموها لا تضركم والأول هو الحق كما يشهد به قوله تعالى «ألكم الذكر وله الأنثى» شهادة بينة فإنه توبيخ مبني على التوبيخ الأول وحيث كان مداره تفضيل جانب أنفسهم على جنابه تعالى بنسبتهم إليه تعالى الإناث مع اختيارهم لأنفسهم الذكور وجب أن يكون مناط الأول نفس تلك النسبة حتى يتسنى بناء التوبيخ الثان وعليه ظاهر ان ليس في شيء من التقديرات المذكورة من تلك النسبة عين ولا أثر وأما ما قيل من أن هذه الجملة مفعول ثاني للرؤية وخلوها عن العائد إلى المفعول الأول لما أن الأصل أخبروني ان اللات والعزى ومناة ألكم الذكر وله هن أي تلك الأصنام فوضع موضع الأنثى لمراعاة الفواصل وتحقيق مناط التوبيخ فمع ما فهي من التمحلات التي ينبغي تنزيه ساحة التنزيل عن أمثالها يقتضي اقتصار التوبيخ على ترجيح جانبهم الحقير على جناب الله العزيز الجليل من غير تعرض للتوبيخ على نسبة الولد إليه سبحانه «تلك» إشارة إلى القسمة المنفهمة من الجملة الاستفهامية «إذا قسمة ضيزى» أي جائرة حيث جعلتم له تعالى ما تستنكرون
(١٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة