أحسن من تحيتهم وقرئا مرفوعين وقرئ سلم وقرئ منصوبا والمعنى واحد «قوم منكرون» أنكرهم عليه الصلاة والسلام للسلام الذي هو علم للإسلام أو لأنهم ليسوا ممن عهدهم من الناس أو لأن أوضاعهم وأشكالهم خلاف ما عليه الناس ولعله عليه الصلاة والسلام إنما قاله في نفسه من غير أن يشعرهم بذلك لا أنه خاطبهم به جهرا أو سألهم أن يعرفوه أنفسهم كما قيل وإلا لكشفوا أحوالهم عند ذلك ولم يتصد عليه الصلاة والسلام لمقدمات الضيافة «فراغ إلى أهله» أي ذهب إليهم على خفية من ضيفه فإن من أدب المضيف أن يبادره بالقرى ويبادر به حذارا من ان يكفه ويعذره أو يصير منتظرا والفاء في قوله تعالى «فجاء بعجل سمين» فصيحة مفصحة عن جمل قد حذفت ثقة بدلالة الحال عليها وإيذانا بكمال سرعة المجىء بالطعام كما في قوله تعالى فقلنا اضرب بعصاك البحر فانفلق أي فذبح عجلا فحنذه فجاء به «فقربه إليهم» بأن وضعه لديهم حسبما هو المعتاد «فقال ألا تأكلون» إنكارا لعدم تعرضهم للأكل «فأوجس منهم» أضمر في نفسه «خيفة» لتوهم أنهم جاؤوا للشر وقيل وقع في قلبه أنهم ملائكة جاؤوا للعذاب «قالوا لا تخف» قيل مسح جبريل عليه السلام العجل بجناحه فقام يندرج حتى لحق بأمه فعرفهم وأمن منهم «وبشروه» وفي سورة الصافات وبشرناه أي بواسطتهم «بغلام» هو إسحاق عليه السلام «عليم» عنه بلوغه واستوائه «فأقبلت امرأته» سارة لما سمعت بشارتهم إلى بيتها وكانت في زاوية تنظر إليهم «في صرة» في صيحة من الصرير ومحله النصب على الحالية أو المفعولية إن جعل أقبلت بمعنى أخذت كما يقال أقبل يشتمني «فصكت وجهها» أي لطمته من الحياء لما أنها وجدت حرارة دم الطمث وقيل ضربت بأطراف أصابعها جبينها كما يفعله المتعجب «وقالت عجوز عقيم» أي أنا عجوز عاقر فكيف ألد «قالوا كذلك» مثل ذلك القول الكريم «قال ربك» وإنما نحن معبرون نخبرك به عنه تعالى لا أنا نقوله من تلقاء أنفسنا «إنه هو الحكيم العليم» فيكون قوله حقا وفعله متقنا لا محالة روي أن جبريل عليه السلام قال لها انظري إلى سقف بيتك فنظرت فذا جذوعه مورقة مثمرة ولم تكن هذه المفاوضة مع سارة فقط بل مع إبراهيم عليه السلام أيضا حسبما شرح في سورة الحجر وإنما يذكر ههنا اكتفاء بما ذكر هناك كما أنه لم يذكر هناك سارة اكتفاء بما ذكر ههنا وفي سورة هود قال
(١٤٠)