كالبساط الممهد وفيها مسالك وفجاج للمتقلبين في أقطارها والسالكين في مناكبها وفيها سهل وجبل وبر وبحر وقطع متجاورات وعيون متفجرة ومعادن مفتنة وأنها تلقح بألوان النبات وأنواع الأشجار وأصناف الثمار المختلفة الألوان والطعوم والروائح وفيها دواب منبثة قد رتب كلها ودبر لمنافع ساكنها ومصالحهم في صحتهم واعتلالهم «وفي أنفسكم» أي وفي أنفسكم آيات إذ ليس في العالم شيء إلا وفي الأنفس له نظير يدل دلالته على ما انفرد به من الهيئات النافعة والمناظر البهية والتركيبات العجيبة والتمكن من الأفعال البديعة واستنباط الصنائع المختلفة واستجماع الكمالات المتنوعة «أفلا تبصرون» اى ألا تنظرون فلا تبصرون بعين البصيرة «وفي السماء رزقكم» أي أسباب رزقكم أو تقديره وقيل المراد بالسماء السحاب وبالرزق المطر فإنه سبب الأقوات «وما توعدون» من الثواب لأن الجنة في السماء السابعة أو لأن الأعمال وثوابها مكتوبة مقدرة في السماء وقيل إنه مبتدأ خبره قوله تعالى «فورب السماء والأرض إنه لحق» على أن الضمير لما وأما على الأول فأماله وأما لما ذكر من أمر الآيات والرزق على انه مستعار لاسم الإشارة «مثل ما أنكم تنطقون» أي كما أنه لا شك لكم في أنكم تنطقون ينبغي أن لا تشكوا في حقيته ونصبه على الحالية من المستكن في لحق أو على انه وصف لمصدر محذوف اى أنه لحق حقا مثل نطقكم وقيل إنه مبنى على الفتح لإضافته إلى غير متمكن وهو ما إن كانت عبارة عن شيء وأن بما في حيزها إن جعلت زائدة ومحله الرفع على انه صفة لحق ويؤيده القراءة بالرفع «هل أتاك حديث ضيف إبراهيم» تفخيم لشأن الحديث وتنبيه على أنه ليس مما علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم بغير طريق الوحي والضيف في الأصل مصدر ضافه ولذلك يطلق على الواحد والجماعة كالزور والصوم وكانوا اثنى عشر ملكا وقيل تسعة عاشرهم جبريل وقيل ثلاثة جبريل وميكائيل وملك آخر معهما عليهم السلام وتسميتهم ضيفا لأنهم كانوا في صورة الضيف حيث أضافهم إبراهيم عليه السلام أو لأنهم كانوا في حسبانه كذلك «المكرمين» أي المكرمين عند الله تعالى أو عند إبراهيم حيث خدمهم بنفسه وبزوجته «إذ دخلوا عليه» طرف للحديث أو لما في الضيف من معنى الفعل أو المكرمين إن فسر بإكرام إبراهيم «فقالوا سلاما» أي نسلم عليك سلاما «قال» اى إبراهيم «سلام» أي عليكم سلام عدل به إلى الرفع بالابتداء للقصد إلى الثبات والدوام حتى تكون تحيته عليه الصلاة والسلام
(١٣٩)