محبوبا لديكم «وزينه في قلوبكم» حتى رسخ خبه فيها ولذلك أتيتم بما يليق به من الأقوال والأفعال «وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان» ولذلك اجتنبتم عما يليق بها مما لا خير فيه من آثارها وأحكامها ولما كان في التحبيب والتكريه معنى إنهاء المحبة والكراهة وإيصالها إليهم استعملا بكلمة إلى وقيل هو استدراك ببيان عذر الأولين كأنه قيل لم يكن ما صدر عنكم في حق بنى المصطلق من خلل في عقيدتكم بل من فرط حبكم للإيمان وكراهتكم للكفر والفسوق والعصيان والأول هو الأظهر لقوله تعالى «أولئك هم الراشدون» أي السالكون إلى الطريق السوى الموصل إلى الحق والالتفات إلى الغيبة كالذي في قوله تعالى وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون «فضلا من الله ونعمة» أي وانعاما تعليل لحبب أو كره وما بينهما اعتراض وقيل نصبهما بفعل مضمر أي جرى ذلك فضلا وقيل يبتغون فضلا «والله عليم» مبالغ في العلم فيعلم أحوال المؤمنين وما بينهم من التفاضل «حكيم» يفعل كل مل يفعل بموجب الحكمة «وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا» أي تقاتلوا والجمع باعتبار المعنى «فأصلحوا بينهما» بالنصح والدعاء إلى حكم الله تعالى «فإن بغت» أي تعدت «إحداهما على الأخرى» ولم تتأثر بالنصيحة «فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء» أي ترجع «إلى أمر الله» إلى حكمه أو إلى ما أمر به «فإن فاءت» إليه وأقلعت عن القتال حذارا من قتالكم «فأصلحوا بينهما بالعدل» بفصل ما بينهما على حكم الله تعالى ولا تكتفوا بمجرد متاركتهما عسى أن يكون بينهما قتال في وقت آخر وتقييد الإصلاح بالعدل لأنه مظنة الحيف لوقوعه بعد المقاتلة وقد أكد ذلك حيث قيل «وأقسطوا» أي وأعدلوا في كل ما تأتون وما تذرون «إن الله يحب المقسطين» فيجازيهم أحسن الجزاء والآية نزلت في قتال حدث بين الأوس والخزرج في عهده عليه الصلاة والسلام بالعسف والنعال وفيها دلالة على أن الباغي لا يخرج بالبغى عن الإيمان وأنه إذا أمسك عن الحرب ترك لأنه فىء إلى أمر الله تعالى وأنه يجب معاونة من بغى عليه بعد تقديم النصح والسعي في المصالحة «إنما المؤمنون إخوة» استئناف مقرر لما قبله من الأمر بالإصلاح أي أنهم منتسبون إلى أصل واحد هو الإيمان الموجب للحياة الأبدية والفاء في قوله تعالى «فأصلحوا بين أخويكم» للإيذان بأن الآخرة الدينية موجبة للإصلاح ووضع المظهر مقام المضمر مضافا إلى المأمورين للمبالغة في تأكيد وجوب الإصلاح والتحضيض عليه وتخصيص
(١٢٠)