للمؤمنين روي أن بني عمرو بن عوف لما بنوا مسجد قباء بعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتيهم فيصلي بهم في مسجدهم فلما فعله صلى الله عليه وسلم حسدتهم أخواتهم بنوا غنم بن عوف وقالوا نبني مسجدا ونرسل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي فيه ويصلي فيه أبو عامر الراهب أيضا إذا قدم من الشام وهو الذي سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم الفاسق وقد كان قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد لا أجد قوما يقاتلونك إلا قاتلتك معهم فلم يزل يفعل ذلك إلى يوم حنين فلما انهزمت هوازن يومئذ ولى هاربا إلى الشام وأرسل إلى المنافقين أن استعدوا بما استطعتم من قوة وسلاح فإني ذاهب إلى قيصر وآت بجنود ومخرج محمدا وأصحابه من المدينة فبنوا مسجدا إلى جنب مسجد قباء وقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم بنينا مسجدا لذي العلة والحاجة والليلة المطيرة والشاتية ونحن نحب أن تصلي لنا فيه وتدعو لنا بالبركة فقال صلى الله عليه وسلم إني على جناح سفر وحال شغل وإذا قدمنا إن شاء الله تعالى صلينا فيه فلما قفل صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك سألوه إتيان المسجد فنزلت عليه فدعا بمالك بن الدخشم ومعن بن عدي وعامر بن السكن ووحشي فقال لهم انطلقوا إلى هذا المسجد الظالم أهله فاهدموه وأحرقوه ففعلوا وأمر أن يتخذ مكانه كناسة تلقى فيها الجيف والقمامة وهلك أبو عامر الفاسق بالشام بقنسرين «وكفرا» تقوية للكفر الذي يضمرونه «وتفريقا بين المؤمنين» الذين كانوا يصلون في مسجد قباء مجتمعين فيغص بهم فأرادوا أن يتفرقوا وتختلف كلمتهم «وإرصادا» إعدادا وانتظارا وترقبا «لمن حارب الله ورسوله» وهو الراهب الفاسق أي لأجله حتى يجيء فيصلي فيه ويظهر على رسول الله صلى الله عليه وسلم «من قبل» متعلق باتخذوا أي اتخذوه من قبل أن ينافقوا بالتخلف حيث كانوا بنوه قبل غزوة تبوك أو يحارب أي حاربهما قبل اتخاذ هذا المسجد «وليحلفن إن أردنا» أي ما أردنا ببناء هذا المسجد «إلا الحسنى» إلا الخصلة الحسنى وهي الصلاة وذكر الله والتوسعة على المصلين أو إلا الإرادة الحسنى «والله يشهد إنهم لكاذبون» في حلفهم ذلك «لا تقم» للصلاة «فيه» في ذلك المسجد حسبما دعوك إليه «أبدا لمسجد أسس» أي بني أصله «على التقوى» يعني مسجد قباء أسسه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلى فيه أيام مقامه بقباء وهي يوم الاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس وخرج يوم الجمعة وقيل هو مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة وعن أبي سعيد رضي الله عنه سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن المسجد الذي أسسه على التقوى فأخذ حصباء فضرب بها الأرض وقال مسجدكم هذا مسجد المدينة واللام إما للابتداء أو للقسم المحذوف أي والله لمسجد وعلى التقديرين فمسجد مبتدأ وما بعده صفته وقوله تعالى «من أول يوم» أي من أيام تأسيسه متعلق بأسس وقوله تعالى «أحق أن تقوم فيه» أي للصلاة وذكر الله تعالى خبره وقوله تعالى «فيه رجال» جملة مستأنفة مبينة لأحقيته لقيامه صلى الله عليه وسلم فيه من جهة الحال بعد بيان أحقيته له من حيث المحل أو صفة أخرى للمبتدأ أو حال من الضمير في فيه وعلى كل حال ففيه تحقيق وتقرير لاستحقاقه القيام فيه والمراد بكونه أحق نفس
(١٠٢)