تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٤ - الصفحة ٣١
بهم «في الحرب» أي في تضاعيفها «فشرد بهم» أي ففرق عن مناصبتك تفريقا عنيفا موجبا للاضطرار والاضطراب ونكل عنها بأن تفعل بهم من النكاية والتعذيب ما يوجب أن تنكل «من خلفهم» أي من وراءهم من الكفرة وفيه إيماء إلى أنهم بصدد الحرب قريب من هؤلاء وقرئ شرذ بالذال المعجمة ولعله مقلوب شذر بمعنى فرق وقرئ من خلفهم أي افعل التشريد من ورائهم والمعنى واحد لأن إيقاع التشريد في الوراء لا يتحقق إلا بتشريد من وراءهم «لعلهم يذكرون» يتعظون بما شاهدوا مما نزل بالناقضين فيرتدعوا عن النقض أو عن الكفر وقوله تعالى «وإما تخافن من قوم خيانة» بيان لأحكام المشرفين إلى نقض العهد إثر بيان أحكام الناقضين له بالفعل والخوف مستعار للعلم أي وإما تعلمن من 2 قوم من المعاهدين نقض عهد فيما سيأتي بما لاح لك منهم من دلائل الغدر ومخايل الشر «فانبذ إليهم» أي فاطرح إليهم عهدهم «على سواء» على طريق مستو قصد بأن تظهر لهم النقض وتخبرهم إخبارا مكشوفا بأنك قد قطعت ما بينك وبينهم من الوصلة ولا تناجزهم الحرب وهم على توهم بقاء العهد كيلا يكون من قبلك شائبة خيانة أصلا فالجار متعلق بمحذوف هو حال من النابذ أي فانبذ إليهم ثابتا على سواء وقيل على استواء في العلم بنقض العهد بحيث يستوي فيه أقصاهم وأدناهم أو تستوي فيه أنت وهم فهو على الأول حال من المنبوذ إليهم وعلى الثاني من الجانبين «إن الله لا يحب الخائنين» تعليل للأمر بالنبذ إما باعتبار استلزامه للنهي عن المناجزة التي هي خيانة فيكون تحذيرا لرسول الله صلى الله عليه وسلم منها وإما باعتبار استتباعه للقتال بالآخرة فيكون حثا له صلى الله عليه وسلم على النبذ أولا وعلى قتالهم ثانيا كأنه قيل وإما تعلمن من قوم خيانة فانبذ إليهم ثم قاتلهم إن الله لا يحب الخائنين وهم من جملتهم لما علمت من حالهم «ولا يحسبن الذين كفروا» أي أنفسهم فحذف للتكرار وقوله تعالى «سبقوا» أي فاتوا وأفلتوا من أن يظفر بهم مفعول ثان ليحسبن والمراد إقناطهم من الخلاص وقطع أطماعهم الفارغة من الانتفاع بالنبذ والاقتصار على دفع هذا التوهم مع أن مقاومة المؤمنين بل الغلبة عليهم أيضا مما تتعلق به أمانيهم الباطلة للتنبيه على أن ذلك مما لا يحوم حوله وهمهم وحسبانهم وإنما الذي يمكن ان يدور في خلدهم حسبان المناص فقط وقيل الفعل مسند إلى أحد أو إلى من خلفهم والمفعول الأول الموصول المتناول لهم أيضا وقيل هو الفاعل وأن محذوفة من سبقوا وهي مع ما في حيزها سادة مسد المفعولين والتقدير ولا يحسبن الذين كفروا أن سبقوا ويعضده قراءة من قرأ أنهم سبقوا ونظيره في الحذف قوله تعالى ومن آياته يريكم البرق خوفا وقوله تعالى أغير الله تأمروني أعبد الآية قاله الزجاج وقرئ بالتاء على خطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي قراءة واضحة وقرئ ولا تحسب الذين بكسر الباء وبفتحها على حذف النون الخفيفة وقوله تعالى «إنهم لا يعجزون» أي لا يفوتون ولا يجدون طالبهم عاجزا عن إدراكهم تعليل للنهي على طريقة الاستئناف وقرئ بفتح الهمزة على
(٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 8 - سورة الأنفال 2
2 قوله تعالى: إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون. 15
3 (الجزء العاشر) قوله تعالى: واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه و للرسول ولذي القربى واليتامى الخ 22
4 9 - سورة التوبة 39
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل الخ 62
6 قوله تعالى: إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها و المؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي السبيل الله وابن السبيل. 76
7 (الجزء الحادي عشر) قوله تعالى: إنما السبيل على الذين يستأذنونك وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف. 93
8 قوله تعالى: وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة الخ. 111
9 10 - سورة يونس عليه السلام 115
10 قوله تعالى: الذين أحسنوا الحسنى وزيادة. 138
11 قوله تعالى: واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت. 164
12 11 - سورة هود عليه السلام 182
13 (الجزء الثاني عشر) قوله تعالى: وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها. 186
14 قوله تعالى: وقال اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرساها إن ربي فغفور رحيم. 209
15 قوله تعالى: وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 231
16 12 - سورة يوسف عليه السلام 250
17 قوله تعالى: وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي. 285
18 قوله تعالى: رب قد آتيتني من الملك و علمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض. 308