بالناكثين بل هو شامل لعامة الكفرة وللمؤمنين أيضا «يوم الحج الأكبر» هو يوم العيد لأن فيه تمام الحج ومعظم أفعاله ولأن الإعلام كان فيه ولما روى أنه صلى الله عليه وسلم وقف يوم النحر عند الجمرات في حجة الوداع فقال هذا يوم الحج الأكبر وقيل يوم عرفة لقوله صلى الله عليه وسلم الحج عرفة ووصف الحج بالأكبر لأن العمرة تسمى الحج الأصغر أو لأن المراد بالحج ما يقع في ذلك اليوم من أعماله فإنه أكبر من باقي الأعمال أو لأن ذلك الحج اجتمع فيه المسلمون والمشركون أو لأنه ظهر فيه عز المسلمين وذل المشركين «إن الله» أي بأن الله وقرئ بالكسر لما أن الأذان فيه معنى القول «بريء من المشركين» أي المعاهدين الناكثين «ورسوله» عطف على المستكن في برئ أو على محل إن واسمها على قراءة الكسر وقرئ بالنصب عطفا على اسم أن أو لأن الواو بمعنى مع أي برئ معه منهم وبالجر على الجوار وقيل على القسم «فإن تبتم» من الشرك والغدر التفات من الغيبة إلى الخطاب لزيادة التهديد والتشديد والفاء لترتيب مقدم الشرطية على الأذان بالبراءة المذيلة بالوعيد الشديد المؤذن بلين عريكتهم وانكسار شدة شكيمتهم «فهو» أي فالتوب «خير لكم» في الدارين «وإن توليتم» عن التوبة أو ثبتم على التولي عن الإسلام والوفاء «فاعلموا أنكم غير معجزي الله» غير سابقين ولا فائتين «وبشر الذين كفروا» تلوين للخطاب وصرف له عنهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن البشارة «بعذاب أليم» وإن كانت بطريق التهكم إنما تليق بمن يقف على الأسرار الإلهية «إلا الذين عاهدتم من المشركين» استدراك من النبذ السابق الذي أخر فيه القتال أربعة أشهر كأنه قيل لا تمهلوا الناكثين فوق أربعة أشهر لكن الذين عاهدتم ثم لم ينكثوا عهدهم فلا تجروهم مجرى الناكثين في المسارعة إلى قتالهم بل أتموا إليهم عهدهم ولا يضر في ذلك تخلل الفاصل بقوله تعالى وأذان من الله ورسوله الخ لأنه ليس بأجنبي بالكلية بل هو أمر بإعلام تلك البراءة كأنه قيل واعلموها وقيل هو استثناء متصل من المشركين الأول ويرده بقاء الثاني على العموم مع كونهما عبارة عن فريق واحد وجعله استثناء من الثاني يأباه بقاء الأول كذلك وقيل هو استدراك من المقدر في فسيحوا أي قولوا لهم سيحوا أربعة أشهر لكن الذين عاهدتم منهم «ثم لم ينقصوكم شيئا» من شروط الميثاق ولم يقتلوا منكم أحدا ولم يضروكم قط وقرئ بالمعجمة أي لم ينقضوا عهدكم شيئا من النقض وكلمة ثم للدلالة على ثباتهم على عهدهم مع تمادي المدة «ولم يظاهروا» أي لم يعاونوا «عليكم أحدا» من أعدائكم كما عدت بنو بكر على خزاعة في غيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم فظاهرتهم قريش بالسلاح «فأتموا إليهم عهدهم» أي أدوه إليهم كملا «إلى مدتهم» ولا تفاجئوهم بالقتال عند مضي الأجل المضروب للناكثين ولا تعاملوهم معاملتهم قال ابن عباس رضي الله عنهما بقي لحي من بني كنانة من عهدهم تسعة أشهر فأتم إليهم عهدهم «إن الله يحب المتقين» تعليل لوجوب الامتثال وتنبيه على أن مراعاة حقوق العهد من باب التقوى وأن التسوية بين الوفي
(٤٢)