تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٤ - الصفحة ٢٧
عليه واستجار به وإن قل «حكيم» يفعل بحكمته البالغة ما تستبعده العقول وتحار في فهمه ألباب الفحول وجواب الشرط محذوف لدلالة المذكور عليه «ولو ترى» أي ولو رأيت فإن لو الامتناعية ترد المضارع ماضيا كما أن إن ترد الماضي مضارعا والخطاب إما لرسول الله صلى الله عليه وسلم أو لكل أحد ممن له حظ من الخطاب وقد مر تحقيقه في قوله تعالى ولو ترى إذ وقفوا على النار وكلمة إذ في قوله تعالى «إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة» ظرف لترى والمفعول محذوف أي ولو ترى الكفرة أو حال الكفرة حين يتوفاهم الملائكة ببدر وتقديم المفعول للاهتمام به وقيل الفاعل ضمير عائد إلى الله عز وجل والملائكة مبتدأ وقوله تعالى «يضربون وجوههم» خبره والجملة حال من الموصول قد استغنى فيها بالضمير عن الواو وهو على الأول حال منه أو من الملائكة أو منهما لاشتماله على ضميريهما «وأدبارهم» أي وأستاههم أو ما أقبل منهم وما أدبر من الأعضاء «وذوقوا عذاب الحريق» على إرادة القول معطوفا على يضربون أو حالا من فاعله أي ويقولون أو قائلين ذوقوا بشارة لهم بعذاب الآخرة وقيل كانت معهم مقامع من حديد كلما ضربوا التهبت النار منها وجواب لو محذوف للإيذان بخروجه عن حدود البيان أي لرأيت أمرا فظيعا لا يكاد يوصف «ذلك» إشارة إلى ما ذكر من الضرب والعذاب وما فيه من معنى البعد للإشعار بكونهما في الغاية القاصية من الهول والفظاعة وهو مبتدأ خبره «بما قدمت أيديكم» أي ذلك الضرب والعذاب واقع بسبب ما كسبتم من الكفر والمعاصي ومحل أن في قوله «وأن الله ليس بظلام للعبيد» الرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف أي والأمر أنه تعالى ليس بمعذب لعبيده بغير ذنب من قبلهم والتعبير عن ذلك بنفي الظلم مع أن تعذيبهم بغير ذنب ليس بظلم قطعا على ما تقرر من قاعدة أهل السنة فضلا عن كونه ظلما بالغا قد مر تحقيقه في سورة آل عمران والجملة اعتراض تذييلي مقرر لمضمون ما قبلها وأما ما قيل من أنها معطوفة على ما للدلالة على أن سببيته مقيدة بانضمامه إليه إذ لولاه لأمكن أن يعذبهم بغير ذنوبهم فليس بسديد لما أن إمكان تعذيبه تعالى لعبيده بغير ذنب بل وقوعه لا ينافي كون تعذيب هؤلاء الكفرة المعينة بسبب ذنوبهم حتى يحتاج إلى اعتبار عدمه معه نعم لو كان المدعي كون جميع تعذيباته تعالى بسبب ذنوب المعذبين لاحتيج إلى ذلك «كدأب آل فرعون» في محل الرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف والجملة استئناف مسوق لبيان أن ما حل بهم من العذاب بسبب كفرهم لا بشيء آخر من جهة غيرهم بتشبيه حالهم بحال
(٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 8 - سورة الأنفال 2
2 قوله تعالى: إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون. 15
3 (الجزء العاشر) قوله تعالى: واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه و للرسول ولذي القربى واليتامى الخ 22
4 9 - سورة التوبة 39
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل الخ 62
6 قوله تعالى: إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها و المؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي السبيل الله وابن السبيل. 76
7 (الجزء الحادي عشر) قوله تعالى: إنما السبيل على الذين يستأذنونك وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف. 93
8 قوله تعالى: وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة الخ. 111
9 10 - سورة يونس عليه السلام 115
10 قوله تعالى: الذين أحسنوا الحسنى وزيادة. 138
11 قوله تعالى: واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت. 164
12 11 - سورة هود عليه السلام 182
13 (الجزء الثاني عشر) قوله تعالى: وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها. 186
14 قوله تعالى: وقال اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرساها إن ربي فغفور رحيم. 209
15 قوله تعالى: وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 231
16 12 - سورة يوسف عليه السلام 250
17 قوله تعالى: وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي. 285
18 قوله تعالى: رب قد آتيتني من الملك و علمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض. 308