تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٤ - الصفحة ٢٩
الصلاح بالنسبة إلى الحادثة كدأب هؤلاء الكفرة حيث كانوا قبل البعثة كفرة عبدة أصنام مستمرين على حالة مصححة لإفاضة نعمة الإمهال وسائر النعم الدنيوية عليهم فلما بعث إليهم النبي صلى الله عليه وسلم بالبينات غيروها إلى أسوأ منها وأسخط حيث كذبوه صلى الله عليه وسلم وعادوه ومن تبعه من المؤمنين وتحزبوا عليهم يبغونهم الغوائل فغير الله تعالى ما أنعم به عليهم من نعمة الإمهال وعاجلهم بالعذاب والنكال وأصل يك يكن فحذفت النون تخفيفا لشبهها بالحروف اللينة «وأن الله سميع عليم» عطف على أن الله الخ داخل معه في حيز التعليل أي وبسبب أنه تعالى سميع عليم يسمع ويعلم جميع ما يأتون وما يذرون من الأقوال والأفعال السابقة واللاحقة فيرتب على كل منها ما يليق بها من إبقاء النعمة وتغييرها وقرئ وإن الله بكسر الهمزة فالجملة حينئذ استئناف مقرر لمضمون ما قبلها وقوله تعالى «كدأب آل فرعون والذين من قبلهم» في محل النصب على أنه نعت لمصدر محذوف أي حتى يغيروا ما بأنفسهم تغييرا كائنا كدأب آل فرعون أي كتغييرهم على أن دأبهم عبارة عما فعلوه فقط كما هو الأنسب بمفهوم الدأب وقوله تعالى «كذبوا بآيات ربهم» تفسير له بتمامه وقوله تعالى «فأهلكناهم» إخبار بترتب العقوبة عليه لا أنه من تمام تفسيره ولا ضير في توسط قوله تعالى وأن الله سميع عليم بينهما كما مر نظيره في سورة آل عمران حيث جوزوا انتصاب محل الكاف بلن تغنى مع ما بينهما من قوله تعالى وأولئك هم وقود النار وهذا على تقدير عطف الجملة على ما قبلها وأما على تقدير كونها اعتراضا فلا غبار في توسطها قطعا وقيل في محل الرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف كما قبله فالجملة حينئذ استئناف آخر مسوق لتقرير ما سيق له الاستئناف الأول بتشبيه دأبهم بدأب المذكورين لكن لا بطريق التكرير المحض بل بتغيير العنوان وجعل الدأب في الجانبين عبارة عما يلازم معناه الأول من تغيير الحال وتغيير النعمة أخذا مما نطق به قوله تعالى ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة الآية أي دأب هؤلاء وشأنهم الذي هو عبارة عن التغييرين المذكورين كدأب أولئك حيث غيروا حالهم فغير الله تعالى نعمته عليهم فقوله تعالى كذبوا بآيات ربهم تفسير لدأبهم الذي فعلوه من تغييرهم لحالهم وقوله تعالى فأهلكناهم تفسير لدأبهم الذي فعل بهم من تغييره تعالى ما بهم من نعمته وأما دأب قريش فمستفاد منه بحكم التشبيه فلله در شأن التنزيل حيث اكتفى في كل من التشبيهين بتفسير أحد الطرفين وإضافة الآيات إلى الرب المضاف إلى ضميرهم لزيادة تقبيح ما فعلوا بها من التكذيب والالتفات إلى نون العظمة في أهلكنا جريا على سنن الكبرياء لتهويل الخطب والكلام في الفاء وفي قوله تعالى «بذنوبهم» كالذي مر وعطف قوله تعالى «وأغرقنا آل فرعون» على أهلكنا مع اندراجه تحته للإيذان بكمال هول الإغراق وفظاعته كعطف جبريل عليه السلام على الملائكة «وكل» أي وكل من الفرق المذكورين أو كل من هؤلاء وأولئك أو كل من غرقي القبط وقتلى قريش «كانوا ظالمين» أي أنفسهم بالكفر والمعاصي حيث عرضوها للهلاك
(٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 8 - سورة الأنفال 2
2 قوله تعالى: إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون. 15
3 (الجزء العاشر) قوله تعالى: واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه و للرسول ولذي القربى واليتامى الخ 22
4 9 - سورة التوبة 39
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل الخ 62
6 قوله تعالى: إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها و المؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي السبيل الله وابن السبيل. 76
7 (الجزء الحادي عشر) قوله تعالى: إنما السبيل على الذين يستأذنونك وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف. 93
8 قوله تعالى: وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة الخ. 111
9 10 - سورة يونس عليه السلام 115
10 قوله تعالى: الذين أحسنوا الحسنى وزيادة. 138
11 قوله تعالى: واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت. 164
12 11 - سورة هود عليه السلام 182
13 (الجزء الثاني عشر) قوله تعالى: وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها. 186
14 قوله تعالى: وقال اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرساها إن ربي فغفور رحيم. 209
15 قوله تعالى: وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 231
16 12 - سورة يوسف عليه السلام 250
17 قوله تعالى: وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي. 285
18 قوله تعالى: رب قد آتيتني من الملك و علمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض. 308