تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٤ - الصفحة ٣٥
«الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا» لما كان الوعد السابق متضمنا لإيجاب مقاومة الواحد للعشرة وثباته لهم كما نقل عن ابن جريج أنه كان عليهم أن لا يفروا ويثبت الواحد للعشرة وقد بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم حمزة في ثلاثين راكبا فلقى أبا جهل في ثلاثمائة راكب فهزمهم ثقل عليهم ذلك وضجوا منه بعد مدة فنسخ وخفف عنهم بمقاومة الواحد للاثنين وقيل كان فيهم قلة في الابتداء ثم لما كثروا نزل التخفيف والمراد بالضعف ضعف البدن وقيل ضعف البصيرة وكانوا متفاوتين في الاهتداء إلى القتال لا الضعف في الدين كما قيل وقرئ ضعفا بضم الضاد وهي لغة فيه كالفقر والفقر والمكث والمكث وقيل الضعف بالفتح ما في الرأي والعقل وبالضم ما في البدن وقرئ ضعفاء جمع ضعيف والمراد بعلمه تعالى بضعفهم علمه تعالى به من حيث هو متحقق بالفعل لا علمه تعالى به مطلقا كيف لا وهو ثابت في الأزل وقوله تعالى «فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين» تفسير للتخفيف وبيان لكيفيته وقرئ تكن ههنا وفيما سبق بالتاء الفوقانية «وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله» أي بتيسيره وتسهيله وهذا القيد معتبر فيما سبق من غلبة المائة المائتين والألف وغلبة العشرين المائتين كما أن قيد الصبر معتبر ههنا وإنما ترك ذكره ثقة بما مر وبقوله تعالى «والله مع الصابرين» فإنه اعتراض تذييلي مقرر لمضمون ما قبله والمراد بالمعية معية نصره وتأييده ولم يتعرض ههنا لحال الكفرة من الخذلان كما لم يتعرض هناك لحال المؤمنين مع أن مدار الغلبة في الصورتين مجموع الأمرين أعنى نصر المؤمنين وخذلان الكفرة اكتفاء بما ذكر في كل مقام عما ترك في المقام الآخر وما تشعر به كلمة مع من متبوعية مدخولها لأصالتهم من حيث إنهم المباشرون للصبر كما مر مرارا «ما كان لنبي» وقرئ للنبي على العهد والأول أبلغ لما فيه من بيان أن ما يذكر سنة مطردة فيما بين الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أي ما صح وما استقام لنبي من الأنبياء عليهم السلام «أن يكون له أسرى» وقرئ بتأنيث الفعل وأسارى أيضا «حتى يثخن في الأرض» أي يكثر القتل ويبالغ فيه حتى يذل الكفرة ويقل حزبه ويعز الإسلام ويستولي أهله من أثخنه المرض والجرح إذا أثقله وجعله بحيث لا حراك به ولا براح وأصله الثخانة التي هي الغلط والكثافة وقرئ بالتشديد للمبالغة «تريدون عرض الدنيا» استئناف مسوق للعتاب أي تريدون حطامها بأخذكم الفداء وقرئ يريدون بالياء «والله يريد الآخرة» أي يريد لكم ثواب الآخرة الذي لا مقدار عنده الدنيا وما فيها أو يريد سبب نيل الآخرة من إعزاز دينه وقمع أعدائه وقرئ بجر الآخرة على إضمار المضاف كما في
(٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 8 - سورة الأنفال 2
2 قوله تعالى: إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون. 15
3 (الجزء العاشر) قوله تعالى: واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه و للرسول ولذي القربى واليتامى الخ 22
4 9 - سورة التوبة 39
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل الخ 62
6 قوله تعالى: إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها و المؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي السبيل الله وابن السبيل. 76
7 (الجزء الحادي عشر) قوله تعالى: إنما السبيل على الذين يستأذنونك وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف. 93
8 قوله تعالى: وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة الخ. 111
9 10 - سورة يونس عليه السلام 115
10 قوله تعالى: الذين أحسنوا الحسنى وزيادة. 138
11 قوله تعالى: واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت. 164
12 11 - سورة هود عليه السلام 182
13 (الجزء الثاني عشر) قوله تعالى: وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها. 186
14 قوله تعالى: وقال اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرساها إن ربي فغفور رحيم. 209
15 قوله تعالى: وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 231
16 12 - سورة يوسف عليه السلام 250
17 قوله تعالى: وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي. 285
18 قوله تعالى: رب قد آتيتني من الملك و علمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض. 308