اغفر أو فرضه على معنى لو استغفروا لم يعذبوا كقوله تعالى وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون «وما لهم ألا يعذبهم الله» بيان لاستحقاقهم العذاب بعد بيان أن المانع ليس من قبلهم أي وما لهم مما يمنع تعذيبهم متى زال ذلك وكيف لا يعذبون «وهم يصدون عن المسجد الحرام» أي وحالهم ذلك ومن صدهم عند إلجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الهجرة وإحصارهم عام الحديبية «وما كانوا أولياءه» حال من ضمير يصدون مفيدة لكمال قبح ما صنعوا من الصد فإن مباشرتهم للصد عنه مع عدم استحقاقهم لولاية أمره في غاية القبح وهو رد لما كانوا يقولون نحن ولاة البيت والحرم فنصد من نشاء وندخل من نشاء «إن أولياؤه إلا المتقون» من الشرك الذين لا يعبدون فيه غيره تعالى «ولكن أكثرهم لا يعلمون» أنه لا ولاية لهم عليه وفيه إشعارا بأن منهم من يعلم ذلك ولكنه يعاند وقيل أريد بأكثرهم كلهم كما يراد بالقلة العدم «وما كان صلاتهم عند البيت» أي دعاؤهم أو ما يسمونه صلاة أو ما يضعون موضعها «إلا مكاء» أي صفيرا فعال من مكا يمكو إذا صفر وقرئ بالقصر كالبكي «وتصدية» أي تصفيقا تفعلة من الصدى أو من الصد على إبدال أحد حرفي التضعيف بالياء وقرئ صلاتهم بالنصب على أنه الخبر لكان مساق الكلام لتقرير استحقاقهم العذاب أو عدم ولايتهم للمسجد فإنها لا تليق بمن هذه صلاته روى أنهم كانوا يطوفون عراة الرجال والنساء مشبكين بين أصابعهم يصفرون فيها ويصفقون وقيل كانوا يفعلون ذلك إذا أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي يخلطون عليه ويرون أنهم يصلون أيضا «فذوقوا العذاب» أي القتل والأسر يوم بدر وقيل عذاب الآخرة واللام يحتمل أن تكون للعهد والمعهود ائتنا بعذاب أليم «بما كنتم تكفرون» اعتقادا وعملا «إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله» نزلت في المطعمين يوم بدر وكانوا اثني عشر رجلا من قريش يطعم كل واحد منهم كل يوم عشر جزر أو في أبي سفيان استأجر ليوم أحد ألفين سوى من استجاش من العرب وأنفق فيهم أربعين أوقية أو في أصحاب العير فإنه لما أصيب قريش يوم بدر قيل لهم أعينوا بهذا المال على حرب محمد لعلنا ندرك ثأرنا منه ففعلوا والمراد بسبيل الله دينه واتباع رسوله «فسينفقونها» بتمامها ولعل الأول إخبار عن إنفاقهم في تلك الحال وهو إنفاق يوم بدر والثاني إخبار عن إنفاقهم فيما يستقبل وهو إنفاق يوم أحد ويحتمل أن يراد بهما واحد على أن مساق الأول لبيان الغرض من الإنفاق ومساق الثاني لبيان عاقبته وأنه لم يقع بعد «ثم
(٢٠)