تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٤ - الصفحة ٢٧٩
تقضى به قضية العقل أيضا «ذلك» أي تخصيصه تعالى بالعبادة «الدين القيم» الثابت المستقيم الذي تعاضدت عليه البراهين عقلا ونقلا «ولكن أكثر الناس لا يعلمون» أن ذلك هو الدين القيم لجهلهم بتلك البراهين أو لا يعلمون شيئا أصلا فيبعدون أسماء سموها من تلقاء أنفسهم معرضين عن البرهان العقلي والسلطان العقلي وبعد تحقيق الحق ودعوتهما إليه وبيانه لهما مقداره الرفيع ومرتبة علمه الواسع شرع في تفسير ما استفسراه ولكونه بحثا مغايرا لما سبق فصله عنه بتكرير الخطاب فقال «يا صاحبي السجن أما أحدكما» وهو الشرابي وإنما لم يعينه ثقة بدلالة التعبير وتوسلا بذلك إلى إبهام أمر صاحبه حذار مشافهته بما يسوءه «فيسقي ربه» أي سيده «خمرا» روى أنه عليه السلام قال له ما رأيت من الكرمة وحسنها الملك وحسن حالك عنده واما القضبان الثلاثة فثلاثة أيام تمضي في السجن ثم تخرج وتعود إلى ما كنت عليه وقرأ عكرمة فيسقى ربه على البناء للمفعول أي يسقى ما يروى به «وأما الآخر» وهو الخباز «فيصلب فتأكل الطير من رأسه» روى أنه عليه السلام قال له ما رأيت من السلال الثلاث ثلاثة أيام تمر ثم تخرج فتقتل «قضى» اي أتم وأحكم «الأمر الذي فيه تستفتيان» وهو ما رأياه من الرؤييين قطعا لا مآله الذي هو عبارة عن نجاة أحدهما وهلاك الآخر كما يوهمه إسناد القضاء إليه إذ الاستفتاء إنما يكون في الحادثة لا في حكمها يقال استفتى الفقيه في الحادثة أي طلب منه بيان حكمها ولا يقال استفتاه في حكمها وكذا الإفتاء فإنه يقال أفتى فلان في الواقعة الفلانية بكذا ولا يقال أفتى في حكمها أو جوابها بكذا ومما هو علم في ذلك قوله تعالى «يا أيها الملأ أفتوني في رؤياي» ومعنى استفتائهما فيه طلبهما لتأويله بقولهما نبئنا بتأويله وإنما عبر عن ذلك بالأمر وعن طلب تأويله بالاستفتاء تهويلا لأمره وتفخيما لشأنه إذ الاستفتاء إنما يكون في النوازل المشكلة الحكم المبهمة الجواب وإيثاره صيغة الاستقبال مع سبق استفتائهما في ذلك لما أنهما بصدده إلى أن يقضى عليه السلام من الجواب وطره وإسناد القضاء إليه مع أنه من أحوال مآله لأنه في الحقيقة عين ذلك المآل وقد ظهر في عالم المثال بتلك الصورة وأما توحيده مع تعدد رؤياهما فوارد على حسب ما وحده في قولهما نبئنا بتأويله لا لأن الأمر ما اتهما به وسجنا لأجله من سم الملك فإنهما لم يستفيا فيه ولا فيما هو صورته بل فيما هو صورة لمآله وعاقبته فتأمل وإنما أخبرهما عليه السلام بذلك تحقيقا لتعبيره وتأكيدا له وقيل لما عبر رؤياهما جحدا وقالا ما رأينا شيئا فأخبرهما أن ذلك كائن صدقتما أو كذبتما ولعل الجحود من الخباز إذ لا داعى إلى جحود الشرابى إلا أن يكون ذلك لمراعاة جانبه «وقال»
(٢٧٩)
مفاتيح البحث: الوسعة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 8 - سورة الأنفال 2
2 قوله تعالى: إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون. 15
3 (الجزء العاشر) قوله تعالى: واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه و للرسول ولذي القربى واليتامى الخ 22
4 9 - سورة التوبة 39
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل الخ 62
6 قوله تعالى: إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها و المؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي السبيل الله وابن السبيل. 76
7 (الجزء الحادي عشر) قوله تعالى: إنما السبيل على الذين يستأذنونك وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف. 93
8 قوله تعالى: وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة الخ. 111
9 10 - سورة يونس عليه السلام 115
10 قوله تعالى: الذين أحسنوا الحسنى وزيادة. 138
11 قوله تعالى: واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت. 164
12 11 - سورة هود عليه السلام 182
13 (الجزء الثاني عشر) قوله تعالى: وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها. 186
14 قوله تعالى: وقال اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرساها إن ربي فغفور رحيم. 209
15 قوله تعالى: وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 231
16 12 - سورة يوسف عليه السلام 250
17 قوله تعالى: وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي. 285
18 قوله تعالى: رب قد آتيتني من الملك و علمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض. 308