تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٤ - الصفحة ٢٦٨
«إلا أن يسجن أو عذاب أليم» ما نافيه أي ليس جزاؤه إلا السجن أو العذاب الأليم قيل المراد به الضرب بالسياط أو استفهامية أي أي شيء جزاؤه غير ذاك أو ذلك ولقد أتت في تلك الحالة التي تدهش فيها الفطن حيث شاهدها العزيز على تلك الهيئة المريبة بحيلة جمعت فيها غرضيها وهما تبرئة ساحتها مما يلوح من ظاهر الحال واستنزال يوسف عن رأيه في استعصائه عليها وعدم مواتاته على مرادها بإلقاء الرعب في قلبه من مكرها طمعا في مواقعته لها كرها عند يأسها عن ذلك اختيارا كما قالت ولئن لم يفعل ما آمره ليسجنن وليكونا من الصاغرين ثم إنها جعلت صدور الإرادة المذكورة عن يوسف عليه السلام أمرا محققا مفروغا عنه غنيا عن الإخبار بوقوعه وأن ما هي عليه من الأفاعيل لأجل تحقيق جزائها فهي تريد إيقاعه حسبما يقتضيه قانون الإيالة وفي إبهام المريد تهويل لشأن الجزاء المذكور بكونه قانونا مطردا في حق كل أحد كائنا من كان وفي ذكر نفسها بعنوان أهلية العزيز إعظام للخطب وإغراء له على تحقيق ما تتوخاه بحكم الغضب والحمية «قال» استئناف وجواب عما يقال فماذا قال يوسف حينئذ فقيل قال «هي راودتني عن نفسي» أي طالبتني للمواتاة لا أني أردت بها سوءا كما قالت وإنما قاله عليه السلام لتنزيه نفسه عما أسند إليه من الخيانة وعدم معرفة حق السيد ودفع ما عرضته له من الأمرين الأمرين وفي التعبير عنها بضمير الغيبة دون الخطاب أو اسم الإشارة مراعاة لحسن الأدب مع الإيماء إلى الإعراض عنها «وشهد شاهد من أهلها» قيل هو ابن عمها وقيل هو الذي كان جالسا مع زوجها لدى الباب وقيل كان حكيما يرجع إليه الملك ويستشيره وقد جوز أن يكون بعض أهلها قد بصر بها من حيث لا تشعر فأغضبه الله تعالى ليوسف عليه السلام بالشهادة له والقيام بالحق وإنما ألقى الله سبحانه الشهادة إلى من هو من أهلها ليكون أدل على نزاهته عليه السلام وأنفى للتهمة وقيل كان الشاهد ابن خال لها صبيا في المهد أنطقه الله تعالى ببراءته وهو الأظهر فإنه روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال تكلم أربعة وهم صغار ابن ماشطة بنت فرعون وشاهد يوسف وصاحب جريج وعيسى عليه السلام رواه الحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنه وقال صحيح على شرط الشيخين وذكر كونه من أهلها لبيان الواقع إذ لا يختلف الحال في هذه الصورة بين كون الشاهد من أهلها أو من غيرهم «إن كان قميصه قد من قبل» أي إن علم أنه قد من قبل من قبل ونظيره إن أحسنت إلي فقد أحسنت إليك فيما قبل فإن معناه إن تعتد بإحسانك إلي فاعتد بإحساني السابق إليك «فصدقت» بتقدير قد لأنها تقرب الماضي إلى الحال أي فقد صدقت وكذا الحال في قوله فكذبت وهي وإن لم تصرح بأنه عليه السلام أراد بها سوءا إلا أن كلامها حيث كان واضح الدلالة عليه أسند إليها الصدق والكذب بذلك الاعتبار فإنهم كما يعرضان للكلام باعتبار منطوقه يعرضان له باعتبار ما يستلزمه وبذلك الاعتبار يعترضان للإنشاءات «وهو من الكاذبين» وهذه الشرطية حيث لا ملازمة
(٢٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 263 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 8 - سورة الأنفال 2
2 قوله تعالى: إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون. 15
3 (الجزء العاشر) قوله تعالى: واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه و للرسول ولذي القربى واليتامى الخ 22
4 9 - سورة التوبة 39
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل الخ 62
6 قوله تعالى: إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها و المؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي السبيل الله وابن السبيل. 76
7 (الجزء الحادي عشر) قوله تعالى: إنما السبيل على الذين يستأذنونك وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف. 93
8 قوله تعالى: وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة الخ. 111
9 10 - سورة يونس عليه السلام 115
10 قوله تعالى: الذين أحسنوا الحسنى وزيادة. 138
11 قوله تعالى: واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت. 164
12 11 - سورة هود عليه السلام 182
13 (الجزء الثاني عشر) قوله تعالى: وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها. 186
14 قوله تعالى: وقال اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرساها إن ربي فغفور رحيم. 209
15 قوله تعالى: وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 231
16 12 - سورة يوسف عليه السلام 250
17 قوله تعالى: وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي. 285
18 قوله تعالى: رب قد آتيتني من الملك و علمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض. 308