تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٤ - الصفحة ٢٧٤
أي آثر عندي لأنه مشقة قليلة نافذة أثرها راحات جليلة أبدية «مما يدعونني إليه» من مؤاتانها التي تؤدي إلى الشقاء والعذاب الأليم وهذا الكلام منه عليه السلام مبني على ما مر من انكشاف الحقائق لديه وبروز كل منها بصورتها اللائقة بها فصيغة التفضيل ليست على بابها إذ ليس له شائبة محبة لما دعته إليه وإنما هو والسجن شران أهونهما وأقربهما إلى الإيثار السجن والتعبير علن الإيثار بالمحبة لحسم مادة طمعها عن المساعدة خوفا من الحبس والاقتصار على ذكر السجن من حيث إن الصغار من فروعه ومستتبعاته وإسناد الدعوة إليهن جميعا لأن النسوة رغبته في مطاوعتها وخوفته من مخالفتها وقيل دعونه إلى أنفسهن وقيل إنما ابتلى عليه السلام بالسجن لقوله هذا وكان الأولى به أن يسأل الله تعالى العافية ولذلك رد رسول الله صلى الله عليه وسلم على من كان يسأل الصبر «وإلا تصرف» أي إن لم تصرف «عني كيدهن» في تحبيب ذلك إلي وتحسينه لدي بأن تثبتني على ما أنا عليه من العصمة والعفة «أصب إليهن» أي أمل إلى إجابتهن أو إلى أنفسهن على قضية الطبيعة وحكم القوة الشهوية وهذا فزع منه عليه السلام إلى ألطاف الله تعالى جريا على سنن الأنبياء والصالحين في قصر نيل الخيرات والنجاة عن الشرور على جناب الله عز وجل وسلب القوى والقدر عن أنفسهم ومبالغة في استدعاء لطفه في صرف كيدهن بإظهار أن لا طاقة له بالمدافعة كقول المستغيث أدركني وإلا هلكت لا أنه يطلب الإجبار والإلجاء إلى العصمة والعفة وفي نفسه داعية تدعوه إلى هواهن والصبوة الميل إلى الهوى ومنه الصبا لأن النفوس تصبو إليها لطيب نسيمها وروحها وقرئ أصب إليهن من الصبابة وهي رقة الشوق «وأكن من الجاهلين» الذين لا يعملون بما يعلمون لأن من لا جدوى لعلمه فهو والجاهل سواء أو من السفهاء بارتكاب ما يدعونني إليه من القبائح لأن الحكيم لا يفعل القبيح «فاستجاب له ربه» دعاءه الذي تضمنه قوله وإلا تصرف عني كيدهن الخ فإن فيه استدعاء لصرف كيدهن على أبلغ وجه وألطفه كما مر وفي إسناد الاستجابة إلى الرب مضافا إليه عليه السلام ما لا يخفى من إظهار اللطف «فصرف عنه كيدهن» حسب دعائه وثبته على العصمة والعفة «إنه هو السميع» لدعاء المتضرعين إليه «العليم» بأحوالهم وما يصلحهم «ثم بدا لهم» أي ظهر للعزيز وأصحابه المتصدين للحل والعقد ريثما اكتفوا بأمر يوسف بالكتمان والإعراض عن ذلك «من بعد ما رأوا الآيات» الصارفة لهم عن ذلك البداء وهي الشواهد الدالة على براءته عليه السلام وفاعل بدأ إما مصدره أو الرأي المفهوم من السياق أو المصدر المدلول عليه بقوله «ليسجننه» والمعنى بذا لهم بداء أو رأى أو سجنه المحتوم قائلين والله ليسجننه فالقسم المحذوف وجوابه معمول للقول المقدر حالا من ضميرهم وما كان ذلك البداء إلا باستنزال المرأة لزوجها ومثلها منه في الذروة والغارب وكان مطواعة لها تقوده حيث شاءت قال السدي إنها قالت للعزيز إن هذا العبد العبراني قد فضحني في الناس يخبرهم بأني راودته عن نفسه فإما أن تأذن لي
(٢٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 8 - سورة الأنفال 2
2 قوله تعالى: إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون. 15
3 (الجزء العاشر) قوله تعالى: واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه و للرسول ولذي القربى واليتامى الخ 22
4 9 - سورة التوبة 39
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل الخ 62
6 قوله تعالى: إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها و المؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي السبيل الله وابن السبيل. 76
7 (الجزء الحادي عشر) قوله تعالى: إنما السبيل على الذين يستأذنونك وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف. 93
8 قوله تعالى: وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة الخ. 111
9 10 - سورة يونس عليه السلام 115
10 قوله تعالى: الذين أحسنوا الحسنى وزيادة. 138
11 قوله تعالى: واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت. 164
12 11 - سورة هود عليه السلام 182
13 (الجزء الثاني عشر) قوله تعالى: وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها. 186
14 قوله تعالى: وقال اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرساها إن ربي فغفور رحيم. 209
15 قوله تعالى: وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 231
16 12 - سورة يوسف عليه السلام 250
17 قوله تعالى: وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي. 285
18 قوله تعالى: رب قد آتيتني من الملك و علمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض. 308