تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٤ - الصفحة ٢٧٥
فأخرج فأعتذر إلى الناس وإما أن تحبسه فحبسه ولقد أرادت بذلك تحقيق وعيدها لتلين به عريكته وتنقاد لها قرونته لما انصرمت حبال رجائها عن استتباعه بعرض الجمال والترغيب بنفسها وبأعوانها وقرئ لتسجننه على صيغة الخطاب بأن خاطب بعضهم العزيز ومن يليه أو العزيز وحده على وجه التعظيم أو خاطب به العزيز ومن عنده من أصحاب الرأي المباشرين للسجن والحبس «حتى حين» إلى حين انقطاع قالة الناس وهذا بادي الرأي عند العزيز وذويه وأما عندها فحتى يذلله السجن ويسخره لها ويحسب الناس أنه المجرم وقرئ عتى حين بلغة هذيل «ودخل معه» أي في صحبته «السجن فتيان» من فتيان الملك ومماليكه أحدهما شرابيه والآخر خبازه روى أن جماعة من أهل مصر ضمنوا لهما مالا ليسما الملك في طعامه وشرابه فأجاباهم إلى ذلك ثم إن الساقي نكل عن ذلك ومضى عليه الخباز فسم الخبز فلما حضر الطعام قال الساقي لا تأكل أيها الملك فإن الخبز مسموم وقال الخباز لا تشرب أيها الملك فإن الشراب مسموم فقال الملك للساقي اشربه فشربه فلم يضره وقال للخباز كله فأبى فجرب بدابة فهلكت فأمر بحبسهما فاتفق أن أدخلاه معه وتأخير الفاعل عن المفعول لما مر غير مرة من الاهتمام بالمقدم والتشويق إلى المؤخر ليتمكن عند النفس حين وروده عليها فضل تمكن ونظيره تقديم الظرف على المفعول الصريح في قوله تعالى فأوجس في نفسه خيفة وتأخير السجن عن الظرف لإيهام العكس أن يكون الظرف خبرا مقدما على المبتدأ وتكون الجملة حالا من فاعل دخل فتأمل «قال أحدهما» استئناف مبنى على سؤال من يقول ما صنعا بعد ما دخلا معه السجن فأجيب بأنه قال أحدهما وهو الشرابي «إني أراني» أي رأيتني والتعبير بالمضارع لاستحضار الصورة الماضية «أعصر خمرا» أي عنبا سماه بما يؤول إليه لكونه المقصود من العصر وقيل الخمر بلغة عمان اسم للعنب وفي قراءة ابن مسعود رضي الله عنه أعصر عنبا «وقال الآخر» وهو الخباز «إني أراني أحمل فوق رأسي خبزا» تأخير المفعول عن الظرف لما مر آنفا وقوله «تأكل الطير منه» أي تنهس منه صفة للخبز أو استئناف مبني على السؤال «نبئنا بتأويله» بتأويل ما ذكر من الرؤيين أو ما رئى بإجراء الضمير مجرى ذلك بطريق الاستعارة فإن اسم الإشارة يشار به إلى متعدد كما في قوله * فيها خطوط من سواد وبلق * كأنه في الجلد توليع البهق * أي كأن ذلك والسر في المصير إلى إجراء الضمير مجرى اسم الإشارة مع أنه لا حاجة إليه بعد تأويل المرجع بما ذكر أو بما رئى أن الضمير إنما يتعرض لنفس المرجع من حيث هو من غير تعرض لحال من أحواله فلا يتسنى تأويله بأحد الإعتبارين إلا بإجرائه مجرى اسم الإشارة الذي يدل على المشار إليه بالاعتبار الذي جرى عليه في الكلام فتأمل هذا إذا قالاه معا أو قاله أحدهما من جهتهما معا وأما ما إذا قاله كل منهما إثر ما قص ما رآه فالخطاب المذكور ليس عبارتهما ولا عبارة أحدهما من جهتهما ليتعدد المرجع بل عبارة كل منهما نبئني بتأويله مستفسرا لما رآه وصيغة المتكلم مع الغير واقعة في الحكاية دون المحكي على طريقة قوله عز وجل يا أيها الرسل كلوا من الطيبات فإنهم
(٢٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 8 - سورة الأنفال 2
2 قوله تعالى: إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون. 15
3 (الجزء العاشر) قوله تعالى: واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه و للرسول ولذي القربى واليتامى الخ 22
4 9 - سورة التوبة 39
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل الخ 62
6 قوله تعالى: إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها و المؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي السبيل الله وابن السبيل. 76
7 (الجزء الحادي عشر) قوله تعالى: إنما السبيل على الذين يستأذنونك وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف. 93
8 قوله تعالى: وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة الخ. 111
9 10 - سورة يونس عليه السلام 115
10 قوله تعالى: الذين أحسنوا الحسنى وزيادة. 138
11 قوله تعالى: واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت. 164
12 11 - سورة هود عليه السلام 182
13 (الجزء الثاني عشر) قوله تعالى: وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها. 186
14 قوله تعالى: وقال اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرساها إن ربي فغفور رحيم. 209
15 قوله تعالى: وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 231
16 12 - سورة يوسف عليه السلام 250
17 قوله تعالى: وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي. 285
18 قوله تعالى: رب قد آتيتني من الملك و علمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض. 308