إرادة السوء ممن هي إلى البحث عن شعبة من شعبه وجعل للسوء أو للأمر المعبر به عن طمعها في يوسف عليه السلام يأباه الخبر فإن الكيد يستدعي أن يعتبر مع ذلك هنات أخر من قبلها كما أشرنا إليه «إن كيدكن عظيم» فإنه ألطف وأعلق بالقلب وأشد تأثيرا في النفس وعن بعض العلماء إني أخاف من النساء ما لا أخاف من الشيطان فإنه تعالى يقول إن كيد الشيطان كان ضعيفا وقال للنساء إن كيدكن عظيم ولأن الشيطان يوسوس مسارقة وهن يواجهن به الرجال «يوسف» حذف منه حرف النداء لقربه وكمال تفطنه للحديث وفيه تقريب له وتلطيف لمحله «أعرض عن هذا» أي عن هذا الأمر وعن التحدث به واكتمه فقد ظهر صدقك ونزاهتك «واستغفري» أنت يا هذه «لذنبك» الذي صدر عنك وثبت عليك «إنك كنت» بسبب ذلك «من الخاطئين» من جملة القوم المعتمدين للذنب أو من جنسهم يقال خطىء إذا أذنب عمدا وهو تعليل للأمر بالاستغفار والتذكير لتغليب الذكور على الإناث وكان العزيز رجلا حليما فاكتفى بهذا القدر من مؤاخذتها وقيل كان قليل الغيرة «وقال نسوة» أي جماعة من النساء وكن خمسا امرأة الساقي وامرأة الخباز وامرأة صاحب الدواب وامرأة صاحب السجن وامرأة الحاجب والنسوة اسم مفرد لجمع المرأة وتأنيثه غير حقيقي كتأنيث اللمة وهي اسم لجماعة النساء والثبة وهي اسم لجماعة الرجال ولذلك لم يلحق فعله تاء التأنيث «في المدينة» ظرف لقال أي أشعن الأمر في مصر أو صفة النسوة «امرأة العزيز» أي الملك يردن قطفير وإضافتهن لها إليه بذلك العنوان دون أن يصرحن باسمها أو اسمه ليست لقصد المبالغة في إشاعة الخبر بحكم أن النفوس إلى سماع أخبار ذوي الأخطار أميل كما قيل إذ ليس مرادهن تفضيح العزيز بل هي لقصد الإشباع في لومها بقولهن «تراود فتاها» أي تطالبه بمواقعته لها وتتمحل في ذلك وتخادعه «عن نفسه» وقيل تطلب منه الفاحشة وإيثارهن لصيغة المضارع للدلالة على دوام المراودة والفتى من الناس الشاب وأصله فتى لقولهم فتيان والفتوة شاذة وجمعه فتية وفتيان ويستعار للمملوك وهو المراد ههنا وفي الحديث لا يقل أحدكم عبدي وأمتي وليقل فتاي وفتاتي وتعبيرهن عن يوسف عليه السلام بذلك مضافا إليها لا إلى العزيز الذي لا تستلزم الإضافة إليه الهوان بل ربما يشعر بنوع عزة لإبانة ما بينهما من التباين البين الناشئ عن المالكية والمملوكية وكل ذلك لتربية ما مر من المبالغة والإشباع في اللوم فإن من لا زوج لها من النساء أو لها زوج دنيء قد تعذر في مراودة الأخدان لا سيما إذا كان فيهم علو الجناب وأما التي لها زوج وأي زوج عزيز مصر فمراودتها لغيره لا سيما لعبدها الذي لا كفاءة بينها وبينه أصلا وتماديها في ذلك غاية الغي ونهاية الضلال «قد شغفها حبا» أي شق حبه شغاف قلبها وهو حجابه أو جلدة رقيقة يقال لها لسان القلب حتى وصل إلى فؤادها وقرئ شعفها بالعين من
(٢٧٠)