تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٤ - الصفحة ٢٦٩
عقلية ولا عادية بين مقدمها وتاليها ليست من الشهادة في شيء وإنما ذكرت توسيعا للدائرة وإرخاء للعنان إلى جانب المرأة بإجراء ما عسى يحتمله الحال في الجملة بأن يقع القد من قبل بمدافعتها له عليه السلام عن نفسها عند إرادته المخالطة والتكشف مجرى الظاهر الغالب الوقوع تقريبا لما هو المقصود بإقامة للشهادة أعني مضمون الشرطية الثانية التي هي قوله عز وجل «وإن كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين» إلى التسليم والقبول عند السامع لكونه أقرب إلى الوقوع وأدل على المطلوب وإن لم يكن بين طرفيها أيضا ملازمة وحكاية الشرطية بعد فعل الشهادة لكونها من قبيل الأقوال أو بتقدير القول أي شهد قائلا الخ وتسميتها شهادة مع أنه لا حكم فيها بالفعل بالصدق والكذب لتأديتها مؤداها بل لأنها شهادة على الحقيقة وحكم بصدقه وكذبها أما على تقدير كون الشاهد هو الصبي فظاهر إذ هو إخبار بهما من قبل علام الغيوب والتصوير بصورة الشرطية للإيذان بأن ذلك ظاهر من العلائم أيضا وأما على تقدير كونه غيره فلأن الظاهر أن صورة الحال معلومة له على ما هي عليه إما مشاهدة أو إخبارا فهو متيقن بعدم مقدم الشرطية الأولى وبوجود مقدم الشرطية الثانية ومن ضرورته الجزم بانتفاء تالي الأولى وبوقوع تالي الثانية فإذن هو إخبار بكذبها وصدقه عليه السلام لكنه ساق شهادته مساقا مأمونا من الجرح والطعن حيث صورها بصورة الشرطية المترددة ظاهرا بين نفعها ونفعه وأما حقيقة فلا تردد فيها قطعا لأن الشرطية الأولى تعليق لصدقها بما يستحيل وجوده من قد القميص من قبل فيكون محالا لا محالة ومن ضرورته تقرر كذبها والثانية تعليق لصدقه عليه السلام بأمر محقق الوجود وهو القد من دبر فيكون محقق البتة وهذا كما قيل فيمن قال لامرأة زوجيني نفسك فقالت لي زوج فكذبها في ذلك فقالت إن لم يكن لي زوج فقد زوجتك نفسي فقبل الرجل فإذا لا زوج لها فهو نكاح إذ تعليق الشيء بأمر مقرر تنجيز له وقرئ من قبل ومن دبر بالضم لأنهما قطعا عن الإضافة كقبل وبعد وبالفتح كأنهما جعلا علمين للجهتين فمنعا الصرف للتأنيث والعلمية وقرئ بسكون العين «فلما رأى قميصه قد من دبر» كأنه لم يكن رأى ذلك بعد أو لم يتدبره فلما تنبه له وعلم حقيقة الحال «قال إنه» أي الأمر الذي وقع فيه التشاجر وهو عبارة عن إرادة السوء التي أسندت إلى يوسف وتدبير عقوبته بقولها ما جزاء من أراد بأهلك سوءا إلى آخره لكن لا من حيث صدور تلك الإرادة والإسناد عنها بل مع قطع النظر عن ذلك لئلا يخلو قوله تعالى «من كيدكن» أي من جنس حيلتكن ومكركن أيتها النساء لا من غيركن عن الإفادة وتدبير العقوبة وإن لم يمكن تجريده عن الإضافة إليها إلا أنها لما صورته بصورة الحق أفاد الحكم بكونه من كيدهن إفادة ظاهرة فتأمل وتعميم الخطاب للتنبيه على أن ذلك خلق لهن عريق * ولا تحسبا هندا لها الغدر وحدها * سجية نفس كل غانية هند * ورجع الضمير إلى قولها ما جزاء من أراد بأهلك سوءا فقط عدول عن البحث عن أصل ما وقع فيه النزاع من أن
(٢٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 274 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 8 - سورة الأنفال 2
2 قوله تعالى: إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون. 15
3 (الجزء العاشر) قوله تعالى: واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه و للرسول ولذي القربى واليتامى الخ 22
4 9 - سورة التوبة 39
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل الخ 62
6 قوله تعالى: إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها و المؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي السبيل الله وابن السبيل. 76
7 (الجزء الحادي عشر) قوله تعالى: إنما السبيل على الذين يستأذنونك وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف. 93
8 قوله تعالى: وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة الخ. 111
9 10 - سورة يونس عليه السلام 115
10 قوله تعالى: الذين أحسنوا الحسنى وزيادة. 138
11 قوله تعالى: واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت. 164
12 11 - سورة هود عليه السلام 182
13 (الجزء الثاني عشر) قوله تعالى: وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها. 186
14 قوله تعالى: وقال اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرساها إن ربي فغفور رحيم. 209
15 قوله تعالى: وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 231
16 12 - سورة يوسف عليه السلام 250
17 قوله تعالى: وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي. 285
18 قوله تعالى: رب قد آتيتني من الملك و علمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض. 308