تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٤ - الصفحة ٢٥٨
«قالوا لئن أكله الذئب ونحن عصبة» أي والحال أنا جماعة كثيرة جديرة بأن يعصب بنا الأمور العظام وتكفى الخطوب بآرائنا وتدبيراتنا واللام الداخلة على الشرط موطئة للقسم وقوله «إنا إذا لخاسرون» جواب مجزىء عن الجزاء أي لهالكون ضعفا وخورا وعجزا أو مستحقون للهلاك إذ لا غناء عندنا ولا جدوى في حياتنا أو مستحقون لأن يدعى علينا بالخسار والدمار ويقال خسرهم الله تعالى ودمرهم حيث أكل الذئب بعضهم وهم حضور وقيل إن لم نقدر على حفظه وهو أعز شيء عندنا فقد هلكت مواشينا إذن وخسرناها وإنما اقتصروا على جواب خوف يعقوب عليه السلام من أكل الذئب لأنه السبب القوي في المنع دون الحزن لقصر مدته بناء على أنهم يأتون به عن قريب «فلما ذهبوا به وأجمعوا» أي أزمعوا «أن يجعلوه» مفعول لأجمعوا يقال أجمع الأمر ومنه فأجمعوا أمركم ولا يستعمل ذلك إلا في الأفعال التي قويت الدواعي إلى فعلها «في غيابة الجب» قيل هي بئر بأرض الأردن وقيل بين مصر ومدين وقيل على ثلاثة فراسخ من منزل يعقوب عليه السلام بكنعان التي هي من نواحي الأردن كما أن مدين كذلك وأما يقال من أنها بئر بيت المقدس فيرده التعليل بالتقاط السيارة ومجيئهم أباهم عشاء ذلك اليوم فإن بين منزل يعقوب عليه السلام وبين بيت المقدس مراحل وجواب لما محذوف إيذانا بظهوره وإشعارا بأن تفصيله مما لا يحويه فلك العبارة ومجمله فعلوا به من الأذية ما فعلوا يروى أنهم لما برزوا إلى الصحراء أخذوا يؤذونه ويضربونه حتى كادوا يقتلونه فجعل يصيح ويستغيث فقال يهوذا أما عاهدتموني أن لا تقتلوه فأتوا به إلى البئر فتعلق بثيابهم فنزعوها من يديه فدلوه فيها فتعلق بشفيرها فربطوا يديه ونزعوا قميصه لما عزموا عليه من تلطيخه بالدم احتيالا لأبيه فقال يا إخوتاه ردوا على قميصي أتواري به فقالوا ادع الشمس والقمر والأحد عشر كوكبا تؤنسك فدلوه فيها فلما بلغ نصفها ألقوه ليموت وكان في البئر ماء فسقط فيه ثم أوى إلى صخرة فقام عليها وهو يبكي فنادوه ظن أنها رحمة أدركتهم فأجابهم فأرادوا أن يرضخوه فمنعهم يهوذا وكان يأتيه بالطعام كل يوم ويروى أن إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار وجرد عن ثيابه أتاه جبريل عليه السلام بقميص من حرير الجنة فألبسه إياه فدفعه إبراهيم إلى إسحق وإسحق إلى يعقوب فجعله يعقوب في تميمة وعلقها في عنق يوسف فجاءه جبريل عليه السلام فأخرجه من التميمة فألبسه إياه «وأوحينا إليه» عند ذلك تبشيرا له بما يؤول إليه أمره وإزالة لوحشته وإيناسا له قيل كان ذلك قبل إدراكه كما أوحى إلى يحيى وعيسى وقيل كان إذ ذاك مدركا قال الحسن رضي الله عنه كان له سبع عشرة سنة «لتنبئنهم بأمرهم هذا» أي لتتخلصن مما أنت فيه من سوء الحال وضيق المجال ولتحدثن إخوتك بما فعلوا بك «وهم لا يشعرون» بأنك يوسف لتباين حاليك
(٢٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 253 254 255 256 257 258 259 260 261 262 263 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 8 - سورة الأنفال 2
2 قوله تعالى: إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون. 15
3 (الجزء العاشر) قوله تعالى: واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه و للرسول ولذي القربى واليتامى الخ 22
4 9 - سورة التوبة 39
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل الخ 62
6 قوله تعالى: إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها و المؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي السبيل الله وابن السبيل. 76
7 (الجزء الحادي عشر) قوله تعالى: إنما السبيل على الذين يستأذنونك وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف. 93
8 قوله تعالى: وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة الخ. 111
9 10 - سورة يونس عليه السلام 115
10 قوله تعالى: الذين أحسنوا الحسنى وزيادة. 138
11 قوله تعالى: واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت. 164
12 11 - سورة هود عليه السلام 182
13 (الجزء الثاني عشر) قوله تعالى: وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها. 186
14 قوله تعالى: وقال اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرساها إن ربي فغفور رحيم. 209
15 قوله تعالى: وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 231
16 12 - سورة يوسف عليه السلام 250
17 قوله تعالى: وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي. 285
18 قوله تعالى: رب قد آتيتني من الملك و علمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض. 308