السفهاء وأنت مكتوب في ديوان الأنبياء وقيل رأى تمثال العزيز وقيل وقيل إن كل ذلك إلا خرافات وأباطيل تمجها الآذان وتردها العقول والأذهان ويل لمن لاكها ولفقها أو سمعها وصدقها «كذلك» الكاف منصوب المحل وذلك إشارة إلى الإراءة المدلول عليها بقوله تعالى لولا أن رأى برهان ربه أي مثل ذلك التبصير والتعريف عرفناه برهاننا فيما قبل أو إلى التثبيت اللازم له أي مثل ذلك التثبيت ثبتناه «لنصرف عنه السوء» على الإطلاق فيدخل فيه خيانة السيد دخولا أوليا «والفحشاء» والزنى لأنه مفرط في القبح وفيه آية بينة وحجة قاطعة على أنه عليه السلام لم يقع منه هم بالمعصية ولا توجه إليها قط وإلا لقيل لنصرفه عن السوء والفحشاء وإنما توجه إليه ذلك من خارج فصرفه الله تعالى عنه بما فيه من موجبات العفة والعصمة فتأمل وقرئ ليصرف على إسناد الصرف إلى ضمير الرب «إنه من عبادنا المخلصين» تعليل لما سبق من مضمون الجملة بطريق التحقيق والمخلصون هم الذين أخلصهم الله تعالى لطاعته بأن عصمهم عما هو قادح فيها وقرئ على صيغة الفاعل وهم الذين أخلصوا دينهم لله سبحانه وعلى كلا المعنيين فهو منتظم في سلكهم داخل في زمرتهم من أول أمره بقضية الجملة الإسمية لا أن ذلك حدث له بعد أن لم يكن كذلك فانحسم مادة احتمال صدور الهم بالسوء منه عليه السلام بالكلية «واستبقا الباب» متصل بقوله ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه وقوله كذلك إلى آخره اعتراض جيء به بين المعطوفين تقريرا لنزاهته عليه السلام كقوله تعالى وكذلك نرى إبراهيم ملكوت السماوات والأرض والمعنى لقد همت به وأبى هو واستبقا الباب أي تسابقا إلى الباب البراني الذي هو المخلص ولذلك وحد بعد الجمع فيما سلف وحذف حرف الجر وأوصل الفعل إلى المجرور نحو وإذا كالوهم أو ضمن الإستباق معنى الإبتدار وإسناد السبق في ضمن الإستباق إليها مع أن مرادها مجرد منع يوسف وذا لا يوجب الانتهاء إلى الباب لأنها لما رأته يسرع إلى الباب ليتخلص منها أسرعت هي أيضا لتسبقه إليه وتمنعه عن الفتح والخروج أو عبر عن إسراعها أثره بذلك مبالغة «وقدت قميصه من دبر» اجتذبته من ورائه فانشق طولا وهو القد كما أن الشق عرضا هو القط وقد قيل في وصف على رضى الله عنه إنه كان إذا اعتلى قد وإذا اعترض قط وإسناد القد إليها خاصة مع أن لقوة يوسف أيضا دخلا فيه إما لأنها الجزء الأخير للعلة التامة وإما للإيذان بمبالغتها في منعه عن الخروج وبذل مجهودها في ذلك لفوت المحبوب أو لخوف الإفتضاح «وألفيا سيدها» أي صادفا زوجها وإذ لم يكن ملكه ليوسف عليه السلام صحيحا لم يقل سيدهما قيل ألفياه مقبلا وقيل كان جالسا مع ابن عم للمرأة «لدى الباب» أي البراني كما مر روى كعب رضي الله عنه أنه لما هرب يوسف عليه السلام جعل فراش القفل يتناثر ويسقط حتى خرج من الأبواب «قالت» استئناف مبنى على سؤال سائل يقول فماذا كان حين ألفيا العزيز عند الباب فقيل قالت «ما جزاء من أراد بأهلك سوءا» من الزنى ونحوه
(٢٦٧)