تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٤ - الصفحة ٢٦٥
ما يفعل المخادع لصاحبه عن شيء لا يريد إخراجه من يده وهو يحتال أن يأخذه منه وهي عبارة عن التمحل في مواقعته إياها والعدول عن التصريح باسمها للمحافظة على السر أو للإستهجان بذكره وإيراد الموصول لتقرير المراودة فإن كونه في بيتها مما يدعو إلى ذلك قيل لواحدة ما حملك على ما أنت عليه مما لا خير فيه قالت قرب الوساد وطول السواد ولإظهار كمال نزاهته عليه السلام فإن عدم ميله إليها مع دوام مشاهدته لمحاسنها واستعصاءه عليها مع كونه تحت ملكتها ينادي بكونه عليه السلام في أعلى معارج العفة والنزاهة «وغلقت الأبواب» قيل كانت سبعة ولذلك جاء الفعل بصيغة التفعيل دون الإفعال وقيل للمبالغة في الإيثاق والإحكام «وقالت هيت لك» قرىء بفتح الهاء وكسرها مع فتح التاء وبناؤه كبناء أين وعيط وهيت كجير وهيت كحيث اسم فعل معناه أقبل وبادر واللام للبيان أي لك أقول هذا كما في هلم لك وقرئ هئت لك على صيغة الفعل بمعنى تهيأت يقال هاء يهيىء كجاء يجيء إذا تهيأ وهيئت لك واللام صلة للفعل «قال معاذ الله» أي أعوذ بالله معاذا مما تدعينني إليه وهذا اجتناب منه على أتم الوجوه وإشارة إلى التعليل بأنه منكر هائل يجب أن يعاذ بالله تعالى للخلاص منه وما ذاك إلا لأنه عليه السلام قد شاهده بما أراه الله تعالى من البرهان النير على ما هو عليه في حد ذاته من غاية القبح ونهاية السوء وقوله عز وجل «إنه ربي أحسن مثواي» تعليلا للإمتناع ببعض الأسباب الخارجية مما عسى يكون مؤثرا عندها وداعيا لها إلى اعتباره بعد التنبيه على سببه الذاتي الذي لا تكاد تقبله لما سولته لها نفسها والضمير للشأن ومدار وضعه موضعه ادعاء شهرته المغنية عن ذكره وفائدة تصدير الجملة به الإيذان بفخامة مضمونها مع ما فيه من زيادة تقريره في الذهن فإن الضمير لا يفهم منه من أول الأمر إلا شأن مبهم له خطر فيبقى الذهن مترقبا لما يعقبه فيتمكن عند وروده له فضل تمكن فكأنه قيل إن الشأن الخطير هذا وهو ربي أي سيدي العزيز أحسن مثواي أي أحسن تعهدي حيث أمرك بإكرامي فكيف يمكن أن أسيء إليه بالخيانة في حرمه وفيه إرشاد لها إلى رعاية حق العزيز بألطف وجه وقيل الضمير لله عز وجل وربي خبر إن وأحسن مثواي خبر ثان أو هو الخبر والأول بدل من الضمير والمعنى أن الحال هكذا فكيف أعصيه بارتكاب تلك الفاحشة الكبيرة وفيه تحذير لها من عقاب الله عز وجل وعلى التقديرين ففي الاقتصار على ذكر هذه الحالة من غير تعرض لاقتضائها الامتناع عما دعته إليه إيذان بأن هذه المرتبة من البيان كافية في الدلالة على استحالته وكونه مما لا يدخل تحت الوقوع أصلا وقوله تعالى «إنه لا يفلح الظالمون» تعليل للإمتناع المذكور غب تعليل والفلاح الظفر وقيل البقاء في الخير ومعنى أفلح دخل فيه كأصبح وأخواته والمراد بالظالمين كل من ظلم كائنا من كان فيدخل في ذلك المجازون للإحسان بالإساءة والعصاة لأمر الله تعالى دخولا أوليا وقيل الزناة لأنهم ظالمون لأنفسهم وللمزني بأهله «ولقد همت به» بمخالطته إذ الهم لا يتعلق
(٢٦٥)
مفاتيح البحث: يوم عاشوراء (1)، العزّة (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 270 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 8 - سورة الأنفال 2
2 قوله تعالى: إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون. 15
3 (الجزء العاشر) قوله تعالى: واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه و للرسول ولذي القربى واليتامى الخ 22
4 9 - سورة التوبة 39
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل الخ 62
6 قوله تعالى: إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها و المؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي السبيل الله وابن السبيل. 76
7 (الجزء الحادي عشر) قوله تعالى: إنما السبيل على الذين يستأذنونك وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف. 93
8 قوله تعالى: وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة الخ. 111
9 10 - سورة يونس عليه السلام 115
10 قوله تعالى: الذين أحسنوا الحسنى وزيادة. 138
11 قوله تعالى: واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت. 164
12 11 - سورة هود عليه السلام 182
13 (الجزء الثاني عشر) قوله تعالى: وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها. 186
14 قوله تعالى: وقال اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرساها إن ربي فغفور رحيم. 209
15 قوله تعالى: وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 231
16 12 - سورة يوسف عليه السلام 250
17 قوله تعالى: وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي. 285
18 قوله تعالى: رب قد آتيتني من الملك و علمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض. 308