كوكبا والشمس والقمر» روى عن جابر رضي الله عنه أن يهوديا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أخبرني يا محمد عن النجوم التي رآهن يوسف عليه السلام فسكت النبي صلى الله عليه وسلم فنزل جبريل عليه السلام فأخبره بذلك فقال صلى الله عليه وسلم إذا أخبرتك بذلك هل تسلم فقال نعم قال صلى الله عليه وسلم جريان والطراق والذيال وقابس وعمودان والفليق والمصبح والضروح والفرع ووثاب وذو الكتفين رآها يوسف عليه السلام والشمس والقمر نزلن من السماء وسجدن له فقال اليهودي أي والله إنها لأسماؤها وقيل الشمس والقمر أبواه وقيل أبوه وخالته والكواكب إخوته وإنما أخر الشمس والقمر عن الكواكب لإظهار مزيتهما وشرفهما على سائر الطوالع بعطفهما عليها كما في عطف جبريل وميكائيل على الملائكة عليهم السلام وقد جوز أن تكون الواو بمعنى مع أي رأيت الكواكب مع الشمس والقمر ولا يبعد أن يكون ذلك إشارة إلى تأخر ملاقاته عليه السلام لهما عن ملاقاته لإخوته وعن وهب أن يوسف عليه السلام رأى وهو ابن سبع سنين أن إحدى عشرة عصا طوالا كانت مركوزة في الأرض كهيئة الدارة وإذا عصا صغيرة تثب عليها حتى اقتلعتها وغلبتها فوصف ذلك لأبيه فقال إياك أن تذكر هذا لإخوتك ثم رأى وهو ابن ثنتي عشرة سنة الشمس والقمر والكواكب تسجد له فقصها على أبيه فقال لا تقصها عليهم فيبغوا لك الغوائل وقيل كان بين رؤيا يوسف ومصير إخوته إليه أربعون سنة وقيل ثمانون «رأيتهم لي ساجدين» استئناف ببيان حالهم التي رآهم عليها كأن سائلا سأل فقال كيف رأيتهم فأجاب بذلك وإنما أجريت مجرى العقلاء في الضمير لوصفها بوصف العقلاء أعني السجود وتقديم الجار والمجرور لإظهار العناية والاهتمام بما هو الأهم مع ما في ضمنه من رعاية الفاصلة «قال يا بني» صغره للشفقة أو لها ولصغر السن وهو أيضا استئناف مبني على سؤال من قال فماذا قال يعقوب بعد سماع هذه الرؤيا العجيبة ولما عرف يعقوب عليه السلام من هذه الرؤيا أن يوسف يبلغه الله تعالى مبلغا جليلا من الحكمة ويصطفيه للنبوة وينعم عليه بشرف الدارين كما فعل بآبائه الكرام خاف عليه حسد الأخوة وبغيهم فقال صيانة لهم من ذلك وله من معاناة المشاق ومقاساة الأحزان وإن كان واثقا بأن الله تعالى سيحقق ذلك لا محالة وطمعا في حصوله بلا مشقة «لا تقصص رؤياك» هي ما في المنام كما أن الرؤية ما في اليقظة فرق بينهما بحر في التأنيث كما في القربى والقربة وحقيقتها ارتسام الصورة المنحدرة من أفق المتخيلة إلى الحس المشترك والصادقة منها إنما تكون باتصال النفس بالملكوت لما بينهما من التناسب عند فراغها من تدبير البدن أدنى فراغ فتتصور بما فيها مما يليق من المعاني الحاصلة هناك ثم إن المتخيلة تحاكيه بصورة تناسبه فترسلها إلى الحس المشترك فتصير مشاهدة ثم إذا كانت شديدة المناسبة لذلك المعنى بحيث لا يكون التفاوت إلا بالكلية والجزئية استغنت الرؤيا عن التعبير وإلا احتاجبت إليه «على إخوتك فيكيدوا» نصب بإضمار أن أي فيفعلوا
(٢٥٢)