تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٤ - الصفحة ٢٥٣
«لك» أي لأجلك ولإهلاكك «كيدا» متينا راسخا لا تقدر على التفصي عنه أو خفيا عن فهمك لا تتصدى لمدافعته وهذا أوفق بمقام التحذير وإن كان يعقوب عليه السلام يعلم أنهم ليسوا بقادرين على تحويل ما دلت الرؤيا على وقوعه وهذا الأسلوب آكد من أن يقال فيكيدوك كيدا إذ ليس فيه دلالة على كون نفس الفعل مقصود الإيقاع وقد قيل إنما جيء باللام لتضمينه معنى الاحتيال المتعدي باللام ليفيد معنى المضمن والمضمن فيه للتأكيد أي فيحتالوا لك ولإهلاكك حيلة وكيدا والمراد بإخوته ههنا الذين يخشى غوائلهم ومكايدهم بنو علاته الأحد عشر وهم يهوذا وروبيل وشمعون ولاوى وربالون ويشجر ودينة بنو يعقوب من ليا بنت خالته ودان ونفتالي وجاد وآشر بنوه من سريتين زلفة وبلهة وهؤلاء هم المشار إليهم بالكواكب الأحد عشر وأما بنيامين الذي هو شقيق يوسف عليه السلام وأمهما راحيل التي تزوجها يعقوب عليه السلام بعد وفاة أختها ليا أو في حياتها إذ لم يكن جمع الأختين إذ ذاك محرما فليس بداخل تحت هذا النهي إذ لا يتوهم مضرته ولا يخشى معرته ولم يكن معدودا معهم في الرؤيا إذ لم يكن معهم في السجود ليوسف والمراد نهيه عن اقتصاص الرؤيا عليهم كلا أو بعضا «إن الشيطان للإنسان عدو مبين» ظاهر العداوة فلا يألو جهدا في إغواء إخوتك وإضلالهم وحملهم على ما لا خير فيه وهو استئناف كأن يوسف عليه السلام قال كيف يصدر ذلك عن إخوتي الناشئين في بيت النبوة فقيل إن الشيطان يحملهم على ذلك ولما نبهه عليهما السلام على أن لرؤياه شأنا عظيما يستتبع منافع وحذره إشاعتها المؤدية إلى أن يحول إخوته بينها وبين ظهور آثارها وحصولها أو يوعروا سبيل وصولها شرع في تعبيرها وتأويلها على وجه إجمالي فقال «وكذلك» أي ومثل ذلك الاجتباء البديع الذي شاهدت آثاره في عالم المثال من سجود تلك الأجرام العلوية النيرة لك وبحسبه وعلى وفقه «يجتبيك ربك» يختارك لجناب كبريائه ويستنبؤك افتعال من جباه إذا جمعه ويصطفيك على أشراف الخلائق وسراة الناس قاطبة ويبرز مصداق تلك الرؤيا في عالم الشهادة حسب ما عاينته من غير قصور والمراد بالتشبيه بيان المضاهاة المتحققة بين الصور المرئية في عالم المثال وبين ما وقعت هي صورا وأشباحا له من الكائنات الظاهرة بحسبها في عالم الشهادة أي كما سخرت لك تلك الأجرام العظام يسخر لك وجوه الناس ونواصيهم مذعنين لطاعتك خاضعين لك على وجه الإستكانة ومراده بيان إطاعة أبويه وإخوته له لكنه إنما لم يصرح به حذرا من إذاعته «ويعلمك» كلام مبتدأ غير داخل تحت التشبيه أراد به عليه السلام تأكيد مقالته وتحقيقها وتوطين نفس يوسف عليه السلام بما أخبر به على طريقة التعبير والتأويل كأنه قال وهو يعلمك «من تأويل الأحاديث» أي ذلك الجنس من العلوم أو طرفا صالحا منه فتطلع على حقية ما أقول ولا يخفى ما فيه من تأكيد ما سبق والبعث على تلقى ما سيأتي بالقبول والمراد بتأويل الأحاديث تعبير الرؤيا إذ هي أحاديث الملك إن كانت صادقة أو أحاديث
(٢٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 248 249 250 251 252 253 254 255 256 257 258 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 8 - سورة الأنفال 2
2 قوله تعالى: إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون. 15
3 (الجزء العاشر) قوله تعالى: واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه و للرسول ولذي القربى واليتامى الخ 22
4 9 - سورة التوبة 39
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل الخ 62
6 قوله تعالى: إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها و المؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي السبيل الله وابن السبيل. 76
7 (الجزء الحادي عشر) قوله تعالى: إنما السبيل على الذين يستأذنونك وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف. 93
8 قوله تعالى: وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة الخ. 111
9 10 - سورة يونس عليه السلام 115
10 قوله تعالى: الذين أحسنوا الحسنى وزيادة. 138
11 قوله تعالى: واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت. 164
12 11 - سورة هود عليه السلام 182
13 (الجزء الثاني عشر) قوله تعالى: وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها. 186
14 قوله تعالى: وقال اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرساها إن ربي فغفور رحيم. 209
15 قوله تعالى: وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 231
16 12 - سورة يوسف عليه السلام 250
17 قوله تعالى: وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي. 285
18 قوله تعالى: رب قد آتيتني من الملك و علمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض. 308