سائر المعاصي التي كانوا يتعاطونها فالوجه حمل الظلم على مطلق الفساد الشامل للشرك وغيره من أصناف المعاصي وحمل الإصلاح على إصلاحه والإقلاع عنه بكون بعضهم متصدين للنهي عنه وبعضهم متوجهين إلى الإتعاظ غير مصرين على ما هم عليه من الشرك وغيره من أنواع الفساد «ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة» مجتمعة على الحق ودين الإسلام بحيث لا يكاد يختلف فيه أحد ولكن لم يشأ ذلك فلم يكونوا متفقين على الحق «ولا يزالون مختلفين» في الحق أي مخالفين له كقوله تعالى وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم «إلا من رحم ربك» إلا قوما قد هداهم الله تعالى بفضله إلى الحق فاتفقوا عليه ولم يختلفوا فيه أي لم يخالفوه وحمله على مطلق الاختلاف الشامل لما يصدر من المحق والمبطل يأباه الاستثناء المذكور «ولذلك» أي ولما ذكر من الاختلاف «خلقهم» أي الذين بقوا بعد الثنيا وهم المختلفون فاللام للعاقبة أو للترحم فالضمير لمن واللام في معناها أولهما معا فالضمير للناس كافة واللام بمعنى مجازي عام لكلا المعنيين «وتمت كلمة ربك» أي وعيده أو قوله للملائكة «لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين» أي من عصاتهما أجمعين أو منهما أجمعين لا من أحدهما «وكلا» أي وكل نبأ فالتنوين عوضا عن المضاف إليه «نقص عليك» يخبرك به وقوله تعالى «من أنباء الرسل» بيان لكلا وقوله تعالى «ما نثبت به فؤادك» بدل منه والأظهر أن يكون المضاف إليه المحذوف في كلا المفعول المطلق لنقص أي كل اقتصاص أي كل أسلوب من أساليبه نقص عليك من أنباء الرسل وقوله تعالى ما نثبت به فؤادك مفعول نقص وفائدته التنبيه على أن المقصود بالإقتصاص زيادة يقينه عليه السلام وطمأنينة قلبه وثبات نفسه على أداء الرسالة واحتمال أذية الكفار بالوقوف على تفاصيل أحوال الأمم السالفة في تماديهم في الضلال وما لقي الرسل من جهتهم من مكابدة المشاق «وجاءك في هذه» السورة أو الأنباء المقصوصة عليك «الحق» الذي لا محيد عنه «وموعظة وذكرى للمؤمنين» أي الجامع بين كونه حقا في نفسه وكونه موعظة وذكرى للمؤمنين ولكون الوصف الأول حالا له في نفسه حلى باللام دون ما هو وصف له بالقياس إلى غيره وتقديم الظرف أعني في هذه على الفاعل لأن المقصود بيان منافع السورة أو الأنباء المقصوصة فيها واشتمالها على ما ذكر من المنافع المفصلة لا بيان كون ذلك فيها لا في غيرها ولأن عند تأخير ما حقه التقديم تبقى النفس مترقبة إليه فيتمكن فيها عند الورود فضل تمكن ولأن
(٢٤٨)