تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٤ - الصفحة ١٧٨
فلا يحصل لهم الهداية التي عبر عنها بالإذن فيبقون مغمورين بقبائح الكفر والضلال أو مقهورين بالعذاب والنكال والجملة معطوفة على مقدر ينسحب عليه النظم الكريم كأنه قيل فيأذن لهم بمنح الألطاف ويجعل الخ «قل» مخاطبا لأهل مكة بعثا لهم على التدبر في ملكوت السماوات والأرض وما فيهما من تعاجيب الآيات الأنفسية والآفاقية ليتضح لك أنهم من الذين لا يعقلون وحقت عليهم الكلمة «انظروا» أي تفكروا وقرئ بنقل حركة الهمزة إلى لام قل «ماذا في السماوات والأرض» أي أي شيء بديع فيهما من عجائب صنعه الدالة على وحدته وكمال قدرته على أن ماذا جعل بالتركيب اسما واحدا مغلبا فيه الاستفهام على اسم الإشارة فهو مبتدأ خبره الظرف ويجوز أن يكون ما مبتدأ وذا بمعنى الذي والظرف صلته والجملة خبر للمبتدأ وعلى التقديرين فالمبتدأ والخبر في محل النصب بإسقاط الخافض وفعل النظر معلق بالاستفهام «وما تغني» أي ما تنفع وقرئ بالتذكير «الآيات» وهي التي عبر عنها بقوله تعالى ماذا في السماوات والأرض «والنذر» جمع نذير على أنه فاعل بمعنى منذر أو على أنه مصدر أي لا تنفع الآيات والرسل المنذرون أو الإنذارات «عن قوم لا يؤمنون» في علم الله تعالى وحكمه فما نافية والجملة إما حالية أو اعتراضية ويجوز كون ما استفهامية إنكارية في موضع النصب على المصدرية أي أي إغناء تغنى الخ فالجملة حينئذ اعتراضية «فهل ينتظرون» أي مشركو مكة وأضرابهم «إلا مثل أيام الذين خلوا» أي إلا يوما مثل أيام الذين خلوا «من قبلهم» من مشركي الأمم الماضية أي مثل وقائعهم ونزول بأس الله بهم إذ لا يستحقون غيره من قولهم أيام العرب لوقائعها «قل» تهديدا لهم «فانتظروا» ما هو عاقبتكم «إني معكم من المنتظرين» لذلك «ثم ننجي رسلنا» بالتشديد وقرئ بالتخفيف وهو عطف على مقدر يدل عليه قوله مثل أيام الذين خلوا وما بينهما اعتراض جيء به مسارعة إلى التهديد ومبالغة في تشديد الوعيد كأنه قيل أهلكنا الأمم ثم نجينا رسلنا المرسلة إليهم «والذين آمنوا» وصيغة الاستقبال لحكاية الأحوال الماضية لتهويل أمرها باستحضار صورها وتأخير حكاية التنجية عن حكاية الإهلاك على عكس ما في قوله تعالى فنجيناه ومن معه في الفلك الخ ونظائره الواردة في مواقع عديدة ليتصل به قوله عز وجل «كذلك» أي مثل ذلك الإنجاء «حقا علينا» اعتراض بين العامل والمعمول أي حق ذلك حقا وقيل بدل من المحذوف الذي ناب عنه كذلك أي إنجاء مثل ذلك حقا والكاف متعلقة بقوله تعالى «ننجي المؤمنين» أي من كل شدة وعذاب والجملة تذييل لما قبلها مقرر لمضمونه والمراد بالمؤمنين إما الجنس المتناول للرسل عليهم السلام والأتباع وإما الأتباع فقط وإنما لم يذكر إنجاء الرسل إيذانا بعدم الحاجة إليه وأيا ما كان ففيه
(١٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 8 - سورة الأنفال 2
2 قوله تعالى: إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون. 15
3 (الجزء العاشر) قوله تعالى: واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه و للرسول ولذي القربى واليتامى الخ 22
4 9 - سورة التوبة 39
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل الخ 62
6 قوله تعالى: إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها و المؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي السبيل الله وابن السبيل. 76
7 (الجزء الحادي عشر) قوله تعالى: إنما السبيل على الذين يستأذنونك وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف. 93
8 قوله تعالى: وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة الخ. 111
9 10 - سورة يونس عليه السلام 115
10 قوله تعالى: الذين أحسنوا الحسنى وزيادة. 138
11 قوله تعالى: واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت. 164
12 11 - سورة هود عليه السلام 182
13 (الجزء الثاني عشر) قوله تعالى: وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها. 186
14 قوله تعالى: وقال اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرساها إن ربي فغفور رحيم. 209
15 قوله تعالى: وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 231
16 12 - سورة يوسف عليه السلام 250
17 قوله تعالى: وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي. 285
18 قوله تعالى: رب قد آتيتني من الملك و علمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض. 308