تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٤ - الصفحة ١٧٦
بأنهم يموتون على الكفر ويخلدون في النار كقوله تعالى «ولكن حق القول مني لأملأن جهنم» إلى آخره «لا يؤمنون» ابدا إذ لا كذب لكلامه ولا انتقاض لقضائه أي لا يؤمنون إيمانا نافعا واقعا في أوانه فيندرج فيهم المؤمنون عند معاينة العذاب مثل فرعون باقيا عند الموت فيدخل فيهم المرتدون «ولو جاءتهم كل آية» واضحة المدلول مقبولة لدى العقول لأن سبب إيمانهم وهو تعلق إرادته تعالى به مفقود لكن فقدانه ليس لمنع منه سبحانه مع استحقاقهم له بل لسوء اختيارهم المتفرع على عدم استعدادهم لذلك «حتى يروا العذاب الأليم» كدأب آل فرعون وأضرابهم «فلولا كانت» كلام مستأنف لتقرير ما سبق من استحالة إيمان من حقت عليهم كلمته تعالى لسوء اختيارهم مع تمكنهم من التدارك فيكون الاستثناء الآتي بيانا لكون قوم يونس عليه السلام ممن لم يحق عليه الكلمة لاهتدائهم إلى التدارك في وقته ولولا بمعنى هلا وقرئ كذلك أي فلا كانت «قرية» من القرى المهلكة «آمنت» قبل معاينة العذاب ولم تؤخر إيمانها إلى حين معاينته كما فعل فرعون وقومه «فنفعها إيمانها» بأن يقبله الله تعالى منها ويكشف بسببه العذاب عنها «إلا قوم يونس» استثناء منقطع أي لكن قوم يونس «لما آمنوا» أول ما رأوا أمارة العذاب ولم يؤخروا إلى حلوله «كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا» بعد ما أظلهم وكاد يحل بهم ويجوز أن تكون الجملة في معنى النفي كما يفصح عنه حرف التخصيص فيكون الاستثناء متصلا إذ المراد بالقرى أهاليها كأنه قيل ما آمنت طائفة من الأمم العاصية فنفعهم إيمانهم إلا قوم يونس عليه السلام فيكون قوله تعالى لما آمنوا استئنافا لبيان نفع إيمانهم ويؤيده قراءة الرفع على البدلية «ومتعناهم» بمتاع الدنيا بعد كشف العذاب عنهم «إلى حين» مقدر لهم في علم الله سبحانه روى أن يونس عليه السلام بعث إلى نينوى من ارض الموصل فكذبوه فذهب عنهم مغاضبا فلما فقدوه خافوا نزول العذاب فلبسوا المسوح وعجوا أربعين ليلة وقيل قال لهم يونس عليه السلام أجلكم أربعون ليلة فقالوا إن رأينا أسباب الهلاك آمنا بك فلما مضت خمس وثلاثون أغامت السماء غيما أسود هائلا يدخن دخانا شديدا ثم يهبط حتى يغشى مدينتهم ويسود سطوحهم فلبسوا المسوح وبرزوا إلى الصعيد بأنفسهم ونسائهم وصبيانهم ودوابهم وفرقوا بين النساء والصبيان وبين الدواب وأولادها فحن بعضها إلى بعض وعلت الأصوات والعجيج وأظهروا الإيمان والتوبة وتضرعوا إلى الله تعالى فرحمهم وكشف عنهم وكان ذلك يوم عاشوراء يوم الجمعة وعن ابن مسعود رضي الله عنه بلغ من توبتهم أن ترادوا المظالم حتى أن الرجل كان يقتلع الحجر وقد وضع عليه أساس بنائه فيرده إلى صاحبه وقيل خرجوا إلى الشيخ من بقية علمائهم فقالوا قد نزل بنا العذاب فما ترى فقال لهم قولوا يا حي حين لا حي ويا حي محي الموتى ويا حي لا إله إلا أنت فقالوها
(١٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 8 - سورة الأنفال 2
2 قوله تعالى: إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون. 15
3 (الجزء العاشر) قوله تعالى: واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه و للرسول ولذي القربى واليتامى الخ 22
4 9 - سورة التوبة 39
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل الخ 62
6 قوله تعالى: إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها و المؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي السبيل الله وابن السبيل. 76
7 (الجزء الحادي عشر) قوله تعالى: إنما السبيل على الذين يستأذنونك وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف. 93
8 قوله تعالى: وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة الخ. 111
9 10 - سورة يونس عليه السلام 115
10 قوله تعالى: الذين أحسنوا الحسنى وزيادة. 138
11 قوله تعالى: واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت. 164
12 11 - سورة هود عليه السلام 182
13 (الجزء الثاني عشر) قوله تعالى: وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها. 186
14 قوله تعالى: وقال اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرساها إن ربي فغفور رحيم. 209
15 قوله تعالى: وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 231
16 12 - سورة يوسف عليه السلام 250
17 قوله تعالى: وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي. 285
18 قوله تعالى: رب قد آتيتني من الملك و علمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض. 308