تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٣ - الصفحة ٢٤٤
الوعد والوعيد «فأخذتهم الرجفة» أي الزلزلة لكن لا أثر ما قالوا ما قالوا بل بعد ما جرى عليهم ما جرى من مبادئ العذاب في الأيام الثلاثة حسبما مر تفصيله «فأصبحوا في دارهم» أي صاروا في أرضهم وبلدهم أو في مساكنهم «جاثمين» خادمي موتى لا حراك بهم وأصل الجثوم البروك يقال الناس جثوم أي قعود لا حراك بهم ولا ينبسون نبسة قال أبو عبيدة الجثوم للناس والطير والبروك للإبل والمراد كونهم كذلك عند ابتداء نزول العذاب بهم من غير اضطراب ولا حركة كما يكون عند الموت المعتاد ولا يخفى ما فيه من شدة الأخذ وسرعة البطش اللهم إنا بك نعوذ من نزول سخطك وحلول غضبك وجاثمين خبر لأصبحوا والظرف متعلق به ولا مساغ لكونه خبرا أو جاثمين حالا لإفضائه إلى كون الإخبار بكونهم في دارهم مقصودا بالذات وكونهم جاثمين قيدا تابعا له غير مقصود بالذات قيل حيث ذكرت الرجفة وحدت الدار وحيث ذكرت الصيحة جمعت لأن الصيحة كانت من السماء فبلوغها أكثر وأبلغ من الزلزلة فقرن كل منهما بما هو أليق به «فتولى عنهم» إثر ما شاهد ما جرى عليهم تولي مغتم متحسر على ما فاتهم من الإيمان متحزن عليهم «وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم» بالترغيب والترهيب وبذلت فيكم وسعي ولكن لم تقبلوا مني ذلك وصيغة المضارع في قوله تعالى «ولكن لا تحبون الناصحين» حكاية حال ماضية أي شأنكم الاستمرار على بغض الناصحين وعداوتهم خاطبهم صلى الله عليه وسلم بذلك خطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل قليب بدر حيث قال إنا وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا وقيل إنما تولى عنهم قبل نزول العذاب بهم عند مشاهدته صلى الله عليه وسلم لعلاماته تولى ذاهب عنهم منكر لإصرارهم على ما هم عليه وروي أن عقرهم الناقة كان يوم الأربعاء ونزل بهم العذاب يوم السبت وروي أنه خرج في مائة وعشرة من المسلمين وهو يبكي فالتفت فرأى الدخان ساطعا فعلم أنهم قد هلكوا وكانوا ألفا وخمسمائة دار وروي أنه رجع بمن معه فسكنوا ديارهم «ولوطا» منصوب بفعل مضمر معطوف على ما سبق وعدم التعرض للمرسل إليهم مقدما على المنصوب حسبما وقع فيما سبق وما لحق قد مر بيانه في قصة هود عليه السلام وهو لوط بن هاران بن تارخ بن أخي إبراهيم كان من أرض بابل من العراق مع عمه إبراهيم فهاجر إلى الشام فنزل فلسطين وأنزل لوطا الأردن وهي كورة بالشام فأرسله الله تعالى إلى أهل سدوم وهي بلد بحمص وقوله تعالى «إذ قال لقومه» ظرف للمضمر المذكور أي أرسلنا لوطا إلى قومه وقت قوله لهم إلخ ولعل تقييد إرساله عليه السلام بذلك لما أن إرساله إليهم لم يكمن في أول وصوله إليهم وقيل هو بدل من لوطا بدل اشتمال على أن انتصابه باذكر أي اذكر وقت قوله عليه السلام لقومه «أتأتون الفاحشة» بطريق الإنكار التوبيخي التقريعي أي أتفعلون تلك الفعلة المتناهية في القبح المتمادية في
(٢٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 239 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 5 - سورة المائدة قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود 2
2 قوله تعالى: ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل. 14
3 قوله تعالى: واتل عليهم بناء بني آدم بالحق. 26
4 قوله تعالى: يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر. 36
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء. 47
6 قوله تعالى: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك. 60
7 (الجزء السابع) قوله تعالى: لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا. 71
8 قوله تعالى: جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس. 82
9 قوله تعالى: يوم يجمع الله الرسل فيقول ما ذا أجبتم. 93
10 6 _ سورة الأنعام 104
11 قوله تعالى: وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم. 116
12 قوله تعالى: إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله. 129
13 قوله تعالى: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو. 143
14 قوله تعالى: وإذا قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة. 151
15 قوله تعالى: إن الله فالق الحب والنوى. 164
16 (الجزء الثامن) قوله تعالى: ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة. 174
17 قوله تعالى: لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون. 184
18 قوله تعالى: هو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات. 191
19 قوله تعالى: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا. 197
20 7 - سورة الأعراف قوله تعالى: المص. 209
21 قوله تعالى: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا. 224
22 قوله تعالى: وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين. 230
23 قوله تعالى: وإلى عاد أخاهم هودا و قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 237
24 (الجزء التاسع) قوله تعالى: قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنكما شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا. 248
25 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون. 260
26 قوله تعالى: وواعدنا موسى ثلاثين ليلة و أتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة. 268
27 قوله تعالى: واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة و في الآخرة إنا هدنا إليك. 278
28 قوله تعالى: وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة و ظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه. 289
29 قوله تعالى: هو الذي خلقكم من نفس واحدة و جعل منها زوجها ليسكن إليها. 302