أفرادهما في اللون والهيئة أو الطعم ولا يتشابه بعضها «كلوا من ثمره» أي من ثمر كل واحد من ذلك «إذا أثمر» وإن لم يدرك ولم يينع بعد وقيل فائدته رخصة المالك في الأكل منه قبل أداء حق الله تعالى «وآتوا حقه يوم حصاده» أريد به ما كان يتصدق به يوم الحصاد بطريق الوجوب من غير تعيين المقدار لا الزكاة المقدرة فإنها فرضت بالمدينة والسورة مكية وقيل الزكاة والآية مدنية والأمر بإيتائها يوم الحصاد ليهتم به حينئذ حتى لا يؤخر عن وقت الأداء وليعلم أن الوجوب بالإدراك لا بالتصفية وقرئ يوم حصاده بمكسر الحاء وهو لغة فيه «ولا تسرفوا» أي في التصدق كما روي عن ثابت بن قيس أنه صرم خمسمائة نخلة ففرق ثمرها كلها ولم يدخل منه شيئا إلى منزله كقوله تعالى ولا تبسطها كل البسط الآية «إنه لا يحب المسرفين» أي لا يرتضي إسرافهم «ومن الأنعام حمولة وفرشا» شروع في تفصيل حال الأنعام وإبطال ما تقولوا على الله تعالى في شأنها بالتحريم والتحليل وهو عطف على مفعول أنشأ ومن متعلقة به أي وأنشأ من الأنعام ما يحمل عليه الأثقال وما يفرش للذبح أو ما يفرش المصنوع من شعره وصوفه ووبره وقيل الكبار الصالحة للحمل والصغار الدانية من الأرض كأنها فرش مفروش عليها «كلوا مما رزقكم الله» ما عبارة عما ذكر من الحمولة والفرش ومن تبعيضية أي كلوا بعض ما رزقكم الله تعالى أي حلاله وفيه تصريح بأن إنشاءها لأجلهم ومصلحتهم «ولا تتبعوا» في أمر التحليل والتحريم بتقليد أسلافكم المجازفين في ذلك من تلقاء أنفسهم المفترين على الله سبحانه «خطوات الشيطان» فإن ذلك منهم بإغوائه واستتباعه إياهم «إنه لكم عدو مبين» ظاهر العداوة «ثمانية أزواج» الزوج ما معه آخر من جنسه يزاوجه ويحصل منهما النسل والمراد بها الأنواع الأربعة وإيرادها بهذا العنوان وهذا العدد تمهيد لما سيق له الكلام من الإنكار المتعلق بتحريم كل واحد من الذكر والأنثى وبما في بطنها وهو بدل من حمولة وفرشا منصوب بما نصبهما وجعله مفعولا لكلوا على أن قوله تعالى ولا تتبعوا الآية معترض بينهما أو حالا من ما بمعنى مختلفة أو متعددة يأباه جزالة النظم الكريم لظهور انه مسوق لتوضيح حال الأنعام بتفصيلها أولا إلى حمولة وفرش ثم بتفصيلها إلى ثمانية أزواج حاصلة من تفصيل الأولى إلى الإبل والبقر وتفصيل الثاني إلى الضأن والمعز ثم تفصيل كل من الأقسام الأربعة إلى الذكر والأنثى كل ذلك لتحرير المواد التي تقولوا فيها عليه سبحانه وتعالى بالتحليل والتحريم ثم تبكيتهم بإظهار كذبهم وافترائهم في كل مادة من تلك المواد بتوجيه الإنكار إليها مفصلة واثنين في قوله سبحانه وتعالى «من الضأن اثنين» بدل من ثمانية أزواج منصوب بناصبه وهو العامل في من أي أنشأ من الضأن زوجين الكبش والنعجة
(١٩٢)