يفعل فعلا اختياريا وذلك ينافي الألوهية غاية المنافاة ثم استدل عليه بان ذلك عبادة للشيطان وهو أفظع الضلال من وجوه ثلاثة الأول أنه منهمك في الغى لا يكاد يعلق بشئ من الخير والهدى فتكون طاعته ضلالا بعيدا عن الحق والثاني أنه ملعون لضلالة فلا تستتبع مطاوعته سوى اللعن والضلال والثالث أنه في غاية السعي في إهلاكهم وإضلالهم فموالاة من هذا شأنه غاية الضلال فضلا عن عبادته والمفروض المقطوع أي نصيبا قدر لي وفرض من قولهم فرض له في العطاء «ولأضلنهم ولأمنينهم» الأماني الباطلة كطول الحياة وأن لا بعث ولا عقاب ونحو ذلك «ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام» أي فليقطعنها بموجب أمرى ويشقنها من غير تلعثم في ذلك ولا تأخير وذلك ما كانت العرب تفعله فيه بالبحائر والسوائب «ولآمرنهم فليغيرن» ممتثلين به «خلق الله» عن نهجة صورة أو صفة وينتظم فيه ما قيل من فقء عين الحامي وخصاء العبيد والوشم والوشر ونحو ذلك وعموم اللفظ يمنع الخصاء مطلقا لكن الفقهاء رخصوا في البهائم لمكان الحاجة وهذه الجمل المحكية عن اللعين مما نطق به لسانه مقالا أو حالا وما فيها من اللامات كلها للقسم والمأمور به في الموضعين محذوف ثقة بدلالة النظم عليه «ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله» بإيثار ما يدعوا إليه على ما امر الله تعالى به ومجاوزته عن طاعة الله تعالى إلى طاعته «فقد خسر خسرانا مبينا» لأنه ضيع رأس ماله بالكلية واستبدل بمكانه من الجنة مكانة من النار «يعدهم» أي مالا يكاد ينجزه «ويمنيهم» أي الأماني الفارغة أو يفعل لهم الوعد والتمنية على طريقة فلان يعطى ويمنع والضميران لمن والجمع باعتبار معناها كما أن الإفراد في يتخذ وخسر باعتبار لفظها «وما يعدهم الشيطان إلا غرورا» وهو إظهار النفع فيما فيه الضرر وهذا الوعد إما بإلقاء الخواطر الفاسدة أو بألسنة أوليائه وغرورا إما مفعول ثان للوعد أو مفعول لأجله أو نعت لمصدر محذوف اى وعدا ذا غرور أو مصدر على غير لفظ المصدر لأن يعدهم في قوة يغرهم بوعده والجملة اعتراض وعدم التعرض للتمنية لأنها باب من الوعد «أولئك» إشارة إلى أولياء الشيطان وما فيه من معنى البعد للإشعار ببعد منزلتهم في الخسران وهو مبتدأ وقوله تعالى «مأواهم» مبتدأ ثان وقوله تعالى «جهنم» خبر للثاني والجملة خبر للأول «ولا يجدون عنها محيصا» أي معدلا ومهربا من حاص الحمار إذا عدل وقيل خلص ونجا وقيل الحيص هو الروغان بنفور وعنها متعلق بمحذوف وقع حالا من محيصا أي كائنا عنها ولا مساغ لتعلقه بمحيصا أما إذا كان اسم مكان فظاهر وأما إذا كان مصدرا فلأنه لا يعمل فيما قبله
(٢٣٤)