من ذلك الماء فيسقون جنانهم إذا شاؤوا ويسدون إذا شاؤوا فلما غضب الله عليهم وأذن في هلاكهم ودخل رجل إلى جنته وهو عمرو بن عامر فيما بلغنا وكان كاهنا فنظر إلى جرذة تنقل أولادها من بطن الوادي إلى أعلى الجبل فقال ما نقلت هذه أولادها من ههنا الا وقد حضر أهل هذه البلاد عذاب ويقدر أنها خرقت ذلك العرم فنقبت نقبا فسال ذلك النقب ماء إلى جنته فامر عمرو بن عامر بذلك النقب فسد فأصبح وقد انفجر بأعظم ما كان فامر به أيضا فسد ثم انفجر بأعظم ما كان فلما رأى ذلك دعا ابن أخيه فقال إذا أنا جلست العشية في نادى قومي فائتني فقل علام تحبس على مالي فإني سأقول ليس لك عندي مال ولا ترك أبوك شيئا وانك لكاذب فإذا أنا كذبتك فكذبني واردد على مثل ما قلت لك فإذا فعلت ذلك فإني سأشتمك فاشتمني فإذا أنت شتمتني لطمتك فإذا أنا لطمتك فقم فالطمني قال ما كنت لأستقبلك بذلك يا عم قال بلى فافعل فإني أريد بها صلاحك وصلاح أهل بيتك فقال الفتى نعم حيث عرف هوى عمه فجاء فقال ما أمر به حتى لطمه فتناوله الفتى فلطمه فقال الشيخ يا معشر بنى فلان ألطم فيكم لا سكنت في بلد لطمني فيه فلان أبدا من يبتاع منى فلما عرف القوم منه الجد أعطوه فنظر إلى أفضلهم عطية فأوجب له البيع فدعا بالمال فنقده وتحمل هو وبنوه من ليلته فتفرقوا * وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه قال كان في سبأ كهنة وكانت الشياطين يسترقون السمع فأخبروا الكهنة بشئ من أخبار السماء وكان فيهم رجل كاهن شريف كثير المال وانه أخبر ان زوال أمرهم قد دنا وان العذاب قد أظلهم فلم يدر كيف يصنع لأنه كان له مال كثير من عقر فقال لرجل من بنيه وهو أعزهم أخوالا إذا كان غدا وامرأتك بأمر فلا تفعله فإذا نهرتك فانتهرني فإذا تناولتك فالطمني قال يا أبت لا تفعل ان هذا أمر عظيم وأمر شديد قال يا بنى قد حدث أمر لابد منه فلم يزل حتى هيأه على ذلك فلما أصبحوا واجتمع الناس قال يا بنى افعل كذا وكذا فأبى فانتهره أبوه فأجابه فلم يزل ذلك بينهما حتى تناوله أبوه فوثب على أبيه فلطمه فقال ابني يلطمني على بالشفرة قالوا وما تصنع بالشفرة قال اذبحه قالوا تذبح ابنك الطمه واصنع ما بدا لك فأبى الا ان يذبحه فأرسلوا إلى أخواله فأعلموهم بذلك فجاء أخواله فقالوا خذ منا ما بدا لك فأبى الا ان يذبحه قالوا فلتموتن قبل ان تدعوه قال فإذا كان الحديث هكذا فإني لا أريد ان أقيم ببلد يحال بيني وبين ابني فيه اشتروا منى دوري اشتروا منى أرضى فلم يزل حتى باع دوره وأرضه وعقاره فلما صار الثمن في يده وأحرزه قال أي قوم ان العذاب قد أظلكم وزوال أمركم قد دنا فمن أراد منكم دارا جديد أو جملا شديدا وسفرا فليلحق بعمان ومن أراد منكم الخمر والخمير والعصير فليلحق ببصري ومن أراد منكم الراسخان في الوحل المطعمات في المحل المقيمات في الضحل فليلحق بيثرب ذات نخل فأطاعه قوم فخرج أهل عمان إلى عمان وخرجت غسان إلى بصرى وخرجت الأوس والخزرج وبنو كعب بن عمرو إلى ثرب فلما كانوا ببطن نخل قال بنو كعب هذا مكان صالح لا نبتغي به بدلا فأقاموا فلذلك سموا خزاعة لانهم انخزعوا عن أصحابهم وأقبلت الأوس والخزرج حتى نزلوا بيثرب * وأخرج ابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه في قوله لقد كان لسبأ الآيات قال كان لهم مجلس مشيد بالمرمر فأتاهم ناس من النصارى فقالوا اشكروا الله الذي أعطاكم هذا قالوا ومن أعطاناه انما كان لآبائنا فورثناه فسمع ذلك ذو يزن فعرف انه سيكون لكلمتهم تلك خبر فقال لابنه كلامك على حرام ان لم تأت غدا وأنا في مجلس قومي فتصك وجهي ففعل ذلك فقال لا أقيم بأرض فعل هذا ابني بي فيها الا من يبتاع منى مالي فابتدره الناس فابتاعوه فبعث الله جرذا أعمى يقال له الخلد من جرذان عمى فلم يزل يحفر السد حتى خرقه فانهدم وذهب الماء بالجنتين * وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال لقد بعث الله إلى سبأ ثلاثة عشر نبيا فكذبوهم وكان لهم سد كانوا قد بنوه بنيانا أبدا وهو الذي كان يرد عنهم السيل إذا جاء أن يغشى أموالهم وكان فيما يزعمون في علمهم من كهانتهم انه انما يخرب سدهم ذلك فارة فلم يتركوا فرجة بين حجرين الا ربطوا عندها هرة فلما جاء زمانه وما أراد الله بهم من التفريق أقبلت فيما يذكرون فارة حمراء إلى هرة من تلك الهرر فساورنها حتى استأخرت عنها الهرة فدخلت في الفرجة التي كانت عندها فتغلغلت بالسد فحفرت فيه حتى رققته للسيل وهم لا يدرون فلما ان جاء السيل وجد عللا فدخل فيه حتى قلع السد وفاض على الأموال فاحتملها فلم يبق منها الا ما ذكر عن الله تبارك وتعالى
(٢٣٢)