فتحنط وتكفن ثم جلس على كرسيه ثم جميع كفيه على طرف عصاه ثم جعلها تحت ذقنه ومات فمكث الجن سنة يحسبون أنه حي وكانت لا ترفع أبصارها إليه وبعث الله الأرضة فأكلت طرف العصا فخر منكبا على وجهه فعلمت الجن أنه قد مات فذلك قوله تبينت الجن ولقد كانت الجن تعلم أنها لا تعلم الغيب ولكن في القراءة الأولى تبينت الانس أن لو كانت الجن يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين * وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال بلغت نصف العصا فتركها في النصف الباقي فأكلتها في حول فقالوا مات عام أول * وأخرج عبد بن حميد عن ابن مسعود رضي الله عنه قال مكث سليمان بن داود عليه السلام حولا على عصاه متكئا حتى أكلتها الأرضة فخر * وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله الا دابة الأرض تأكل منسأته قال عصاه * وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه قال الأرضة أكلت عصاه حتى خر * وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه تأكل منسأته قال العصا * وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه أنه سئل عن المنسأة قال هي العصا وأنشد فيها شعرا قاله عبد المطلب أمن أجل حبل لا أبالك صدته * بمنسأة قد جر حبلك أحبلا * وأخرج ابن جرير عن السدى رضي الله عنه قال المنسأة العصا بلسان الحبشة * قوله تعالى (لقد كان لسبأ) الآية * اخرج أحمد وعبد بن حميد والبخاري في تاريخه والترمذي وحسنه وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه عن فروة بن مسيك المرادي رضي الله عنه قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله ألا أقاتل من أدبر من قومي بمن أقبل منهم فأذن لي في قتالهم وأمرني فلما خرجت من عنده أرسل في أثرى فردني فقال ادع القوم فمن أسلم منهم فاقبل منه ومن لم يسلم فلا تعجل حتى أحدث إليك وأنزل في سبأ ما أنزل فقال رجل يا رسول الله وما سبأ أرض أم امرأة قال ليس بأرض ولا امرأة ولكنه رجل ولد عشرة من العرب فتيا من منهم ستة وتشاءم منهم أربعة فاما الذين تشاءموا فلخم وجذام وغسان وعاملة وأما الذين تيامنوا فالأزد والأشعريون وحمير وكندة ومذحج وأنمار فقال رجل يا رسول الله وما أنمار قال الذين منهم خثعم وبجيلة * وأخرج أحمد وعبد بن حميد والطبراني وابن أبي حاتم وابن عدي والحاكم وصححه وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلا سال النبي صلى الله عليه وسلم عن سبا أرجل هو أو امرأة أم أرض فقال بل هو رجل ولد عشرة فسكن اليمن منهم ستة وبالشام منهم أربعة فاما اليمانيون فمذحج وكندة والأزد والأشعريون وأنمار وخمير وأما الشاميون فلخم وجذام وعاملة وغسان * وأخرج الحاكم عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ لقد كان لسبأ في مساكنهم * وأخرج عبد بن حميد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ لقد كان لسبأ بالخفض منونة مهموزة في مساكنهم على الجماع بالألف * وأخرج الفريابي عن يحيى بن وثاب أنه كان يقرؤها لقد كان لسبأ في مساكنهم * وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه قال كان لسبأ جنتان بين جبلين فكانت المرأة تمر ومكتلها على رأسها فتمشى بين جبلين فتمتلئ فاكهة وما مسته بيدها فلما طغوا بعث الله عليهم دابة يقال لها الجرذ فنقب عليهم فغرقهم فما بقى منهم الا أثل وشئ من سدر قليل * وأخرج ابن أبى حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله لقد كان لسبأ في مساكنهم الآية قال لم يكن يرى في قريتهم بعوضة قط ولا ذباب ولا برغوث ولا عقرب ولا حية وان الركب ليأتون في ثيابهم القمل والدواب فما هو الا أن ينظروا إلى بيوتها فتموت تلك الدواب وان كان الانسان ليدخل الجنتين فيمسك القفة على رأسه ويخرج حين يخرج وقد امتلأت تلك القفة من أنواع الفاكهة ولم يتناول منها شيئا بيده * وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله بلدة طيبة ورب غفور قال هذه البلد طيبة وربكم غفور لذنوبكم وفي قوله فاعرضوا قال بطر القوم أمر الله وكفروا نعمته * وأخرج ابن أبي حاتم عن السدى رضي الله عنه قال كان أهل سبا أعطوا ما لم يعطه أحد من أهل زمانهم فكانت المرأة تخرج على رأسها المكتل فتريد حاجتها فلا تبلغ مكانها الذي تريد حتى يمتلئ مكتلها من أنواع الفاكهة فاجمعوا ذلك فكذبوا رسلهم وقد كان السيل يأتيهم من مسيرة عشرة أيام حتى يستقر في واديهم فيجمع الماء من تلك السيول والجبال في ذلك الوادي وكانوا قد حفروه بمسناة وهم يسمون المسناة العرم وكانوا يفتحون إذا شاؤوا
(٢٣١)