الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٥ - الصفحة ١٥٠
يقرون لله انه ربهم ثم يشركون بعد ذلك * وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله فتمتعوا فسوف تعلمون قال ما كان في الدنيا فسوف ترونه وما كان في الآخرة فسيبدو لكم * قوله تعالى (أولم يروا أنا جعلنا حرما آمنا) الآية * أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله أولم يروا انا جعلنا حرما آمنا الآية قال قد كان لهم في ذلك آية ان الناس يغزون ويتخطفون وهم آمنون أفبالباطل يؤمنون أي بالشرك وبنعمة الله يكفرون أي يجحدون * وأخرج جويبر عن الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما انهم قالوا يا محمد ما يمنعنا ان ندخل في دينك الا مخافة ان يتخطفنا الناس لقلتنا والعرب أكثر منا فمتى بلغهم انا قد دخلنا في دينك اختطفنا فكنا أكلة رأس فأنزل الله أولم يروا انا جعلنا حرما آمنا الآية * (سورة الروم مكية) * * أخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي في الدلائل من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما قال نزلت سورة الروم بمكة * وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله * وأخرج عبد الرزاق وأحمد بسند حسن عن رجل من الصحابة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بهم الصبح فقرأ فيها سورة الروم * وأخرج البزار عن الأغر المزني رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في صلاة الصبح بسورة الروم * وأخرج عبد الرزاق عن معمر بن عبد الملك بن عمير ان النبي صلى الله عليه وسلم قرأ في الفجر يوم الجمعة بسورة الروم * وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وأحمد وابن قانع من طريق عبد الملك بن عمير عن أبي روح رضي الله عنه قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح فقرأ سورة الروم فتردد فيها فلما انصرف قال انما يلبس علينا صلاتنا قوم يحضرون الصلاة بغير طهور من شهد الصلاة فليحسن الطهور * قوله تعالى (ألم غلبت الروم) * أخرج أحمد والترمذي وحسنه والنسائي وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني في الكبير والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل والضياء عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ألم غلبت الروم قال غلبت وغلبت قال كان المشركون يحبون ان تظهر فارس على الروم لانهم أصحاب أوثان وكان المسلمون يحبون ان تظهر الروم على فارس لانهم أصحاب كتاب فذكروه لأبي بكر رضي الله عنه فذكره أبو بكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما انهم سيغلبون فذكره أبو بكر رضي الله عنه لهم فقالوا اجعل بيننا وبينك أجلا فان ظهرنا كان لنا كذا وكذا وان ظهرتم كان لكم كذا وكذا فجعل بينهم أجلا خمس سنين فلم يظهروا فذكر ذلك أبو بكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الا جعلته أراه قال دون العشر فظهرت الروم بعد ذلك فذلك قوله ألم غلبت الروم فغلبت ثم غلبت بعد يقول الله لله الامر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله قال سفيان سمعت انهم قد ظهروا عليهم يوم بدر * وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود رضي الله عنه قال كان فارس ظاهرين على الروم وكان المشركون يحبون ان تظهر فارس على الروم وكان المسلمون يحبون ان تظهر الروم على فارس لانهم أهل كتاب وهم أقرب إلى دينهم فلما نزلت ألم غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين قالوا يا أبا بكر ان صاحبك يقول إن الروم تظهر على فارس في بضع سنين قال صدق قالوا هم لك إلى أن نقامرك فبايعوه على أربعة قلائص إلى سبع سنين فمضى السبع سنين ولم يكن شئ ففرح المشركون بذلك وشق على المسلمين وذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال ما بضع سنين عندكم قالوا دون العشر قال اذهب فزايدهم وازدد سنتين في الاجل قال فما مضت السنتان حتى جاءت الركبان بظهور الروم على فارس ففرح المؤمنون بذلك وأنزل الله ألم غلبت الروم إلى قوله وعد الله لا يخلف الله وعده * وأخرج أبو يعلى وابن أبي حاتم وابن مردويه وابن عساكر عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال لما أنزلت ألم غلبت الروم الآية قال المشركون لأبي بكر رضي الله عنه ألا ترى إلى ما يقول صاحبك يزعم أن الروم تغلب فارس قال صدق صاحبي قالوا هل لك ان نخاطرك فجعل بينه وبينهم أجلا فحل الاجل قبل ان يبلغ الروم فارس فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فساءه وكرهه وقال لأبي بكر ما دعاك إلى هذا قال تصديقا لله ورسوله فقال تعرض لهم وأعظم الخطر واجعله إلى بضع سنين فأتاهم أبو بكر رضي الله عنه فقال هل لكم في العود فان العود أحمد قالوا نعم ثم لم تمض تلك السنون حتى غلبت الروم فارس وربطوا
(١٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 ... » »»
الفهرست