الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٤ - الصفحة ١١٥
قلت يا رسول الله انى رجل حبب إلى الجمال وأعطيت منه ما ترى فما أحب ان يفوقني أحد في شسع أفمن الكبر ذاك قال لا قلت فما الكبر يا رسول الله قال من سفه الحق وغمص الناس * وأخرج البغوي والطبراني من سوار بن عمر والأنصاري قال سال رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله انى رجل حبب إلى الجمال حتى انى لا أحب أحدا يفوقني بشراك أفمن الكبر ذاك قال لا ولكن الكبر من غمص الناس وبطر الحق * وأخرج ابن عساكر عن ابن عمر ان أبا ريحانة قال يا رسول الله انى لأحب الجمال حتى في نعلي وعلاقة سوطي أفمن الكبر ذلك قال إن الله جميل يحب الجمال ويحب ان يرى أثر نعمته على عبده الكبر من سفه الحق وغمص الناس أعمالهم * وأخرج ابن عساكر عن خريم بن فاتك انه قال يا رسول الله انى لأحب الجمال حتى انى لأحبه في شراك نعلي وجلاد سوطي وان قومي يزعمون أن من الكبر فقال ليس الكبر ان يحب أحدكم الجمال ولكن الكبر ان يسفه الحق ويغمص الناس * وأخرج سمويه في فوائده والباوردي وابن قانع والطبراني عن ثابت بن قيس ين شماس قال ذكر الكبر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا فقال رجل من القوم والله يا رسول الله ان ثيابي لتغسل فيعجبني بياضها ويعجبني علاقة سوطي وشراك نعلي فقال النبي صلى الله عليه وسلم ليس ذاك من الكبر انما الكبر ان تسفه الحق وتغمص الناس * وأخرج الطبراني عن أسامة قال أقبل رجل من بنى عامر فقال يا رسول الله بلغنا انك شددت في لبس الحرير والذهب وإني لأحب الجمال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله جميل يحب الجمال انما الكبر من جهل الحق وغماص الناس بعينيه * وأخرج الحاكم وصححه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال أتى رجل النبي صلى الله عليه وسلم فقال انى رجل حبب إلى الجمال وأعطيت منه ما ترى حتى ما أحب ان يفوقني أحد بشراك أو شسع أفمن الكبر هذا قال لا ولكن الكبر من بطر الحق وغمص الناس * وأخرج الحاكم وصححه عن ابن مسعود رضي الله عنه مثله وفيه ان الرجل مالك الرهاوي وقال البغي يدل الكبر * وأخرج أحمد في الزهد عن عطاء بن يسار رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصى نوح ابنه فقال انى موصيك بوصية وقاصرها عليك حتى لا تنسى أوصيك باثنتين وأنهاك عن اثنتين فاما اللتان أوصيك بهما فإني رأيتهما يكثران الولوج على الله عز وجل ورأيت الله تبارك وتعالى يستبشر بهما وصالح خلقه قل سبحان الله وبحمده فإنها صلاة الخلق وبها يرزق الخلق وقل لا إله إلا الله وحده لا شريك له فان السماوات والأرض لو كن حلقة لقصمتها ولو كن في كفة لرجحت بهن وأما اللتان أنهاك عنهما فالشرك والكبر فقال عبد الله بن عمرو يا رسول الله الكبر ان يكون لي حلة حسنة ألبسها قال لا ان الله جميل يحب الجمال قال فالكبر ان يكون لي دابة صالحة أركبها قال لا قال فالكبر ان يكون لي أصحاب يتبعوني وأطعمهم قال لا قال فأيما الكبر يا رسول الله قال إن تسفه الحق وتغمص الناس * واخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن عمرو قال لا يدخل حظيرة القدس متكبر * وأخرج عبد بن حميد عن ابن مسعود رضي الله عنه قال المتكبرون يجعلون يوم القيامة في توابيت من نار فتطبق عليهم * وأخرج أحمد والدارمي والترمذي والنسائي وابن ماجة وأبو يعلى وابن حبان والحاكم عن ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من فارق الروح جسده وهو برئ من ثلاث دخل الجنة الكبر والدين والغلول قال ابن الجوزي في جامع المسانيد كذا روى لنا الكبر وقال الدارقطني انما هو الكنز بالنون والزاي * وأخرج الطبراني عن السائب بن يزيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر قالوا يا رسول الله هلكنا وكيف لنا ان نعلم ما في قلوبنا من دأب الكبر وأين هو فقال من لبس الصوف أو حلب الشاة أو أكل مع ما ملكت يمينه فليس في قلبه إن شاء الله الكبر * وأخرج تمام في فوائده وابن عساكر عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من لبس الصوف وانتعل المخصوف وركب حماره وحلب شاته وأكل معه عياله فقد نحى الله عنه الكبر أنا عبد ابن عبد أجلس جلسة العبد وآكل أكل العبد انى قد أوحى إلى أن تواضعوا ولا يبغي أحد على أحد ان يد الله مبسوطة في خلقه فمن رفع نفسه وضعه الله ومن وضع نفسه رفعه الله ولا يمشى امرؤ على الأرض شبرا يبتغى سلطان الله الا أكبه الله * وأخرج أحمد في الزهد عن يزيد بن ميسرة قال قال عيسى عليه السلام مالي لا أرى فيكم أفضل العبادة قالوا وما
(١١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 ... » »»
الفهرست