الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ١ - الصفحة ٩٥
قوله نبذه قال نقضه * وأخرج ابن جرير عن ابن جريج في قوله نبذه فريق منهم قال لم يكن في الأرض عهد يعاهدون إليه الا نقضوه ويعاهدون اليوم وينقضون غدا قال وفي قراءة عبد الله نقضه فريق منهم * وأخرج ابن جرير عن السدى في قوله ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم الآية قال ولما جاءهم محمد صلى الله عليه وسلم عارضوه بالتوراة فاتفقت التوراة والقرآن فنبذ والتوراة وأخذوا بكتاب آصف وسحر هاروت وماروت كأنهم لا يعلمون ما في التوراة من الامر باتباع محمد صلى الله عليه وسلم وتصديقه * قوله تعالى (واتبعوا ما تتلوا الشياطين) * أخرج سفيان بن عيينة وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس قال إن الشياطين كانوا يسترقون السمع من السماء فإذا سمع أحدهم بكلمة حق كذب عليها ألف كذبة فأشربتها قلوب الناس واتخذوها دواوين فاطلع الله على ذلك سليمان بن داود فاخذها فقذفها تحت الكرسي فلما مات سليمان قام شيطان بالطريق فقال ألا أدلكم على كنز سليمان الذي لا كنز لأحد مثل كنزه الممنع قالوا نعم فأخرجوه فإذا هو سحر فتناسختها الأمم وأنزل الله عذر سليمان فيما قالوا من السحر فقال واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان الآية * وأخرج النسائي وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال كان آصف كاتب سليمان وكان يعلم الاسم الأعظم وكان يكتب كل شئ بأمر سليمان ويدفنه تحت كرسيه فلما مات سليمان أخرجته الشياطين فكتبوا بين كل سطرين سحرا وكفرا وقالوا هذا الذي كان سليمان يعمل بها فأكفره جهال الناس وسبوه ووقف علماؤهم فلم يزل جهالهم يسبونه حتى أنزل الله على محمد واتبعوا ما تتلو الشياطين * وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال لما ذهب ملك سليمان ارتد فئام من الجن والإنس واتبعوا الشهوات فلما رجع إلى سليمان ملكه وقام الناس على الدين ظهر على كتبهم فدفنها تحت كرسيه وتوفى حدثان ذلك فظهر الجن والإنس على الكتب بعد وفاة سليمان وقالوا هذا كتاب من الله نزل على سليمان أخفاه منا فأخذوه فجعلوه دينا فأنزل الله واتبعوا ما تتلو الشياطين أي الشهوات التي كانت الشياطين تتلو وهي المعازف واللعب وكل شئ يصد عن ذكر الله * وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال كان سليمان إذا أراد أن يدخل الخلاء أو يأتي شيئا من شانه أعطى الجرادة وهي امرأته خاتمه فلما أراد الله أن يبتلى سليمان بالذي ابتلاه به أعطى الجرادة ذلك اليوم خاتمه فجاء الشيطان في صورة سليمان فقال لها هاتي خاتمي فاخذه فلبسه فلما لبسه دانت له الشياطين والجن والانس فجاءها سليمان فقال هاتي خاتمي فقالت كذبت لست سليمان فعرف انه بلاء ابتلى به فانطلقت الشياطين فكتبت في تلك الأيام كتبا فيها سحر وكفر ثم دفنوها تحت كرسي سليمان ثم أخرجوها فقرؤها على الناس وقالوا انما كان سليمان يغلب الناس بهذه الكتب فبرئ الناس من سليمان وأكفروه حتى بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم وأنزل عليه وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا * وأخرج ابن جرير عن شهر بن حوشب قال قال اليهود انظروا إلى محمد يخلط الحق بالباطل يذكر سليمان مع الأنبياء انما كان ساحرا يركب الريح فأنزل الله واتبعوا ما تتلو الشياطين الآية * وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي العالية قال إن اليهود سألوا النبي صلى الله عليه وسلم زمانا عن أمور من التوراة لا يسألونه عن شئ من ذلك الا أنزل الله عليه ما سألوا عنه فيخصمهم فلما رأوا ذلك قالوا هذا أعلم بما أنزل علينا منا وانهم سألوه عن السحر وخاصموه به فأنزل الله واتبعوا ما تتلو الشياطين الآية وان الشياطين عمدوا إلى كتاب فكتبوا فيه السحر والكهانة وما شاء الله من ذلك فدفنوه تحت مجلس سليمان وكان سليمان لا يعلم الغيب فلما فارق سليمان الدنيا استخرجوا ذلك السحر وخدعوا به الناس وقالوا هذا علم كان سليمان يكتمه ويحسد الناس عليه فأخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث فرجعوا من عنده وقد حزنوا وادحض الله حجتهم * وأخرج سعيد بن منصور عن خصيف قال كان سليمان إذا نبتت الشجرة قال لأي داء أنت فتقول لكذا وكذا فلما نبتت الشجرة الخرنوبة قال لأي شئ أنت قالت لمسجدك أخر؟؟ فلم يلبث ان توفى فكتب الشياطين كتابا فجعلوه في مصلى سليمان فقالوا لنحن ندلكم على ما كان سليمان يداوى به فانطلقوا فاستخرجوا ذلك الكتاب فإذا فيه سحر ورقى فأنزل الله واتبعوا ما تتلو الشياطين إلى قوله وما أنزل على الملكين وذكر انها في قراءة أبى وما يتلى على
(٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 ... » »»
الفهرست