الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ١ - الصفحة ٩٠
التوراة وأخبرنا كيف ماء الرجل من ماء المرأة وكيف الأنثى منه والذكر وأخبرنا كيف هذا النبي الأمي في النوم ومن وليه من الملائكة فاخذ عليهم عهد الله لئن أخبرتكم لتتابعني فاعطوه ما شاء من عهد وميثاق قال فأنشدكم بالذي أنزل التوراة هل تعلمون ان إسرائيل مرض مرضا طال سقمه فنذر نذرا لئن عافاه الله من سقمه ليحرمن أحب الشراب إليه وأحب الطعام إليه وكان أحب الطعام إليه لحمان الإبل وأحب الشراب إليه ألبانها فقالوا اللهم نعم فقال اللهم اشهد وقال أنشدكم بالذي لا إله الا هو هل تعلمون ان ماء الرجل أبيض غليظ وان ماء المرأة أصفر رقيق فأيهما علا كان له الولد والشبه بإذن الله ان علا ماء الرجل كان ذكرا بإذن الله وان علا ماء المرأة كان أنثى بإذن الله قالوا اللهم نعم قال اللهم اشهد قال فأنشدكم بالذي أنزل التوراة على موسى هل تعلمون ان النبي الأمي هدا تنام عيناه ولا ينام قلبه قالوا نعم قال اللهم اشهد عليهم قالوا أنت الآن فحدثنا من وليك من الملائكة فعندها نتابعك أو نفارقك قال وليي جبريل ولم يبعث الله نبيا قط الا وهو وليه قالوا فعندها نفارقك لو كان وليك سواه من الملائكة لاتبعناك وصدقناك قال فما يمنعكم أن تصدقوه قالوا هو عدونا فأنزل الله تعالى من كان عدوا لجبريل إلى قوله كأنهم لا يعلمون فعند ذلك باؤا بغضب على غضب * وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وإسحاق بن راهويه في مسنده وابن جرير وابن أبي حاتم عن الشعبي قال نزل عمر رضي الله عنه بالروحاء فرأى ناسا يبتدرون أحجارا فقال ما هذا فقالوا يقولون ان النبي صلى الله عليه وسلم صلى إلى هذه الأحجار فقال سبحان الله ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم الا راكبا مر بواد فحضرت الصلاة فصلى ثم حدث فقال انى كنت أغشى اليهود يوم دراستهم فقالوا ما من أصحابك أحد أكرم علينا منك لأنك تأتينا قلت وما ذاك الا انى أعجب من كتب الله كيف يصدق بعضها بعضا كيف تصدق التوراة الفرقان والفرقان التوراة فمر النبي صلى الله عليه وسلم يوما وانا أكلمهم فقلت أنشدكم بالله وما تقرؤن من كتابه أتعلمون أنه رسول الله قالوا نعم فقلت هلكتم والله تعلمون انه رسول الله ثم لا تتبعونه فقالوا لم نهلك ولكن سألناه من يأتيه بنبوته فقال عدونا جبريل لأنه ينزل بالغلظة والشدة والحرب والهلاك ونحو هذا فقلت فمن سلمكم من الملائكة فقالوا ميكائيل ينزل بالقطر والرحمة وكذا قلت وكيف منزلتهما من ربهما فقالوا أحدهما عن يمينه والآخر من الجانب الآخر قلت فإنه لا يحل لجبريل ان يعادي ميكائيل ولا يحل لميكائيل ان يسالم عدو جبريل وإني أشهد انهما وربهما سلم لمن سالموا وحرب لمن حاربوا ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أريد ان أخبره فلما لقيته قال ألا أخبرك بآيات أنزلت على قلت بلى يا رسول الله فقرأ من كان عدوا لجبريل حتى بلغ الكافرين قلت والله يا رسول الله ما قمت من عند اليهود الا إليك لأخبرك بما قالوا لي وقلت لهم فوجدت الله قد سبقني صحيح الاسناد ولكن الشعبي لم يدرك عمر * وأخرج سفيان بن عيينة عن عكرمة قال كان عمر يأتي يهود يكلمهم فقالوا انه ليس من أصحابك أحد أكثر إتيانا إلينا منك فأخبرنا من صاحب صاحبك الذي يأتيه بالوحي فقال جبريل قالوا ذاك عدونا من الملائكة ولو أن صاحبه صاحب صاحبنا لاتبعناه فقال عمر من صاحب صاحبكم قالوا ميكائيل قال وما هما قالوا اما جبريل فينزل بالعذاب والنقمة واما ميكائيل فينزل بالغيث والرحمة وأحدهما عدو لصاحبه فقال عمر وما منزلتهما قالوا انهما من أقرب الملائكة منه أحدهما عن يمينه وكلتا يديه يمين والآخر على الشق الآخر فقال عمر لئن كانا كما تقولون ماهما بعدوين ثم خرج من عندهم فمر بالنبي صلى الله عليه وسلم فدعاه فقرأ عليه من كان عدوا لجبريل الآية فقال عمر والذي بعثك بالحق انه الذي خاصمتهم به آنفا * وأخرج ابن جرير عن قتادة قال ذكر لنا ان عمر بن الخطاب انطلق ذات يوم إلى اليهود فلما أبصروه رحبوا به فقال عمر والله ما جئت لحبكم ولا للرغبة فيكم ولكني جئت لأسمع منكم وسألوه فقالوا من صاحب صاحبكم فقال لهم جبريل قالوا ذاك عدونا من الملائكة يطلع محمدا على سرنا وإذا جاء جاء بالحرب والسنة ولكن صاحبنا ميكائيل وإذا جاء جاء بالخصب والسلم فتوجه نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحدثه حديثهم فوجده قد أنزل هذه الآية قل من كان عدوا لجبريل الآية * وأخرج ابن جرير عن السدى قال لما كان لعمر أرض بأعلى المدينة فكان يأتيها وكان ممره على مدارس اليهود وكان كلما مر دخل عليهم فسمع منهم وانه دخل عليهم ذات يوم فقال لهم أنشدكم بالرحمن الذي أنزل التوراة على موسى
(٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 ... » »»
الفهرست