الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ١ - الصفحة ٩٨
في قومها بيذخت * وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن ابن عباس قال إن المرأة التي فتن بها الملكان مسحب فهي هذه الكوكبة الحمراء يعنى الزهرة * وأخرج موحد بن عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن أبي الدنيا في كتاب العقوبات وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الايمان من طريق الثوري عن موسى بن عقبة عن سالم عن ابن عمر عن كعب قال ذكرت الملائكة أعمال بني آدم وما يأتون من الذنوب فقيل لو كنتم مكانهم لأتيتم مثل الذي يأتون فاختاروا منكم اثنين فاختاروا هاروت وماروت فقيل لهما انى أرسل إلى بني آدم رسلا فليس بيني وبينكما رسول أنزلكما لا تشركا بي شيئا ولا تزنيا ولا تشربا الخمر قال كعب فوالله ما أمسيا من يومهما الذي أهبطا فيه حتى استكملا جميع ما نهيا عنه * وأخرج الحاكم وصححه من طريق سعيد بن جبير عن ابن عمر انه كان يقول أطلعت الحمراء بعد فإذا رآها قال لا مرحبا ثم قال إن ملكين من الملائكة هاروت وماروت سالا الله ان يهبطا إلى الأرض فاهبطا إلى الأرض فكانا يقضيان بين الناس فإذا أمسيا تكلما بكلمات فعرجا بها إلى السماء فقبض الله لهما امرأة من أحسن الناس وألقيت عليهما الشهوة فجعلا يؤخرانها وألقيت في أنفسهما فلم يزالا يفعلان حتى وعدتهما ميعادا فأتتهما للميعاد فقالت كلماني الكلمة التي تعرجان بها فعلماها الكلمة فتكلمت بها فعرجت إلى السماء فمسخت فجعلت كما ترون فلما أمسيا تكلما بالكلمة فلم يعرجا فبعث إليهما ان شئتما فعذاب الآخرة وان شئتما فعذاب الدنيا إلى أن تقوم الساعة فقال أحدهما لصاحبه بل نختار عذاب الدنيا ألف ألف ضعف فهما يعذبان إلى يوم القيامة * وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال كنت نازلا على عبد الله بن عمر في سفر فلما كان ذات ليلة قال لغلامه أنظر طلعت الحمراء لا مرحبا بها ولا أهلا ولا حياها الله هي صاحبة الملكين قالت الملائكة كيف تدع عصاة بني آدم وهم يسفكون الدم الحرام وينتهكون محارمك ويفسدون في الأرض قال انى قد ابتليتهم فلعل ان ابتليتكم بمثل الذي ابتليتهم به فعلتم كالذي يفعلون قالوا لا قال فاختاروا من خياركم اثنين فاختاروا هاروت وماروت فقال لهما انى مهبطكما إلى الأرض ومعاهد إليكما ان لا تشركا ولا تزنيا ولا تخونا فاهبطا إلى الأرض وألقى عليهما الشبق وأهبطت لهما الزهرة في أحسن صورة امرأة فتعرضت لهما فأراداها عن نفسها فقالت انى على دين لا يصلح لأحد ان يأتيني الا من كان على مثله قالا وما دينك قالت المجوسية قالا أتشرك هذا شئ لا نقربه فمكثت عنهما ما شاء الله ثم تعرضت لهما فأراداها عن نفسها فقالت ما شئتما غير أن لي زوجا وأنا أكره ان يطلع على هذا منى فافتضح وان أقررتما لي بديني وشرطتما ان تصعدا بي إلى السماء فعلت فأقرا لها بدينها وأتياها فيما يريان ثم صعدا بها إلى السماء فلما انتهيا إلى السماء اختطفت منهما وقطعت أجنحتهما فوقعا خائفين نادمين يبكيان وفى الأرض نبي يدعو بين الجمعتين فإذا كان يوم الجمعة أجيب فقالا لو أتينا فلانا فسألناه يطلب لنا التوبة فأتياه فقال رحمكما الله كيف تطلب أهل الأرض لأهل السماء قالا انا ابتلينا قال ائتياني يوم الجمعة فأتياه فقال ما أجبت فيكما بشئ ائتياني في الجمعة الثانية فأتياه فقال اختارا فقد خيرتما ان أحببتما معافاة الدنيا وعذاب الآخرة وان أحببتما فعذاب الدنيا وأنتما يوم القيامة على حكم الله قال أحدهما الدنيا لم يمض منها لا القليل وقال الآخر ويحك انى قد أطعتك في الأول فأطعني الآن ان عذابا يفنى ليس كعذاب يبقى قال إننا يوم القيامة على حكم الله فأخاف ان يعذبنا قال لا انى أرجو ان علم الله أنا قد اخترنا عذاب الدنيا مخافة عذاب الآخرة لا يجمعهما الله علينا قال فاختارا عذاب الدنيا فجعلا في بكرات من حديد في قليب مملوءة من نارا عاليهما أسافلهما قال ابن كثير اسناده جيد وهو أثبت وأصح اسنادا من رواية معاوية بن صالح عن نافع * وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الايمان عن ابن عباس قال لما وقع الناس من بني آدم فيما وقعوا فيه من المعاصي والكفر بالله قالت الملائكة في السماء رب هذا العالم الذي انما خلقتهم لعبادتك وطاعتك وقد وقعوا فيما وقعوا فيه وركبوا الكفر وقتل النفس وأكل مال الحرام والزنا والسرقة وشرب الخمر فجعلوا يدعون عليهم ولا يعذرونهم فقيل انهم في غيب فلم يعذروهم فقيل لهم اختاروا منكم من أفضلكم ملكين آمرهما وأنهاهما فاختاروا هاروت وماروت فاهبطا إلى الأرض وجعل لهما شهوات بني آدم وأمرهما ان يعبداه ولا يشركا به شيئا ونهاهما عن قتل النفس الحرام وأكل مال الحرام وعن الزنا وشرب الخمر
(٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 ... » »»
الفهرست