الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ١ - الصفحة ١٢٥
عن مجاهد في قوله وارزق أهله من الثمرات من آمن قال استرزق إبراهيم لمن آمن بالله واليوم الآخر قال الله ومن كفر فانا أرزقه * وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس في قوله من آمن منهم بالله قال كان إبراهيم احتجرها على المؤمنين دون الناس فأنزل الله ومن كفر أيضا فانا أرزقهم كما أرزق المؤمنين أخلق خلقا لأرزقهم أمتعهم قليلا ثم أضطرهم إلى عذاب النار ثم قرأ ابن عباس كلا نمد هؤلاء الآية * وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي العالية قال أبي بن كعب في قوله ومن كفر ان هذا من قول الرب قال ومن كفر فأمتعه قليلا وقال ابن عباس هذا من قول إبراهيم يسأل ربه ان من كفر فأمتعه قليلا قلت كان ابن عباس يقرأ فأمتعه بلفظ الامر فلذلك قال هو من قول إبراهيم * قوله تعالى (وإذ يرفع إبراهيم) الآية * أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال القواعد أساس البيت * وأخرج أحمد وعبد بن حميد والبخاري وابن جرير وابن أبي حاتم والجندي وابن مردويه والحاكم والبيهقي في الدلائل عن سعيد بن جبير انه قال سلوني يا معشر الشباب فإني قد أوشكت ان أذهب من بين أظهركم فأكثر الناس مسألته فقال له رجل أصلحك الله أرأيت المقام أهو كما يتحدث قال وماذا كنت تتحدث قال كنا نقول ان إبراهيم حين جاء عرضت عليه امرأة إسماعيل النزول فأبى ان ينزل فجاءت بهذا الحجر فقال ليس كذلك فقال سعيد بن جبير قال ابن عباس ان أول من اتخذ النساء المناطق من قبل أم إسماعيل اتخذت منطقا لتعفى أثرها على سارة ثم جاء بها إبراهيم وبابنها إسماعيل وهي ترضعه حتى وضعهما عند البيت عند دوحة فوق زمزم في أعلى المسجد وليس بمكة يومئذ أحد وليس بها ماء فوضعهما هنالك ووضع عندهما جرابا فيه تمر وسقاء فيه ماء ثم قفى إبراهيم منطلقا فتبعته أم إسماعيل فقالت يا إبراهيم أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه انس ولا شئ فقالت له ذلك مرارا وجعل لا يلتفت إليهما قالت له آلله أمرك بهذا قال نعم قالت إذا لا يضيعنا ثم رجعت فانطلق إبراهيم حتى إذا كان عند الثنية حيث لا يرونه استقبل بوجهه البيت ثم دعا بهؤلاء الدعوات ورفع يديه قال رب انى اسكنت من ذريتي بواد غير ذي زارع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون وجعلت أم إسماعيل ترضع إسماعيل وتشرب من ذلك الماء حتى إذا نفد ما في السقاء عطشت وعطش ابنها وجعلت تنظر إليه يتلوى أو قال يتلبط فانطلقت كراهية ان تنظر إليه فوجدت الصفا أقرب جبل في الأرض يليها فقامت عليه ثم استقبلت الوادي تنظر هل ترى أحدا فلم تر أحدا فهبطت من الصفا حتى إذا بلغت الوادي رفعت طرف درعها ثم سعت سعى الانسان المجهود حتى جاوزت الوادي ثم أتت المروة فقامت عليها ونظرت هل ترى أحدا فلم تر أحدا ففعلت ذلك سبع مرات قال ابن عباس قال النبي صلى الله عليه وسلم فلذلك سعى الناس بينهما فلما أشرفت على المروة سمعت صوتا فقالت صه تريد نفسها ثم تسمعت فسمعت صوتا أيضا فقالت قد أسمعت ان كان عندك غواث فإذا هي بالملك عند موضع زمزم فنحت بعقبه أو قال بجناحه حتى ظهر الماء فجعلت تخوضه وتقول بيدها هكذا وجعلت تغرف من الماء في سقائها وهي تفور بعدما تغرف قال ابن عباس قال النبي صلى الله عليه وسلم يرحم الله أم إسماعيل لو تركت زمزم أو قال لو لم تغرف من الماء لكانت زمزم عينا معينا فشربت وأرضعت ولدها فقال لها الملك لا تخافي الضيعة فان ههنا بيتا لله عز وجل يبنيه هذا الغلام وأبوه وان الله لا يضيع أهله وكان البيت مرتفعا من الأرض كالرابية تأتيه السيول فتأخذ عن يمينه وعن شماله فكانت كذلك حتى مرت بهم رفقة من جرهم أو أهل بيت من جرهم مقبلين من طريق كذا فنزلوا في أسفل مكة فرأوا طائرا عائفا فقالوا ان هذا الطائر ليدور على الماء لعهدنا بهذا الوادي وما فيه ماء فأرسلوا جريا أو جريين فإذا هم بالماء فرجعوا فاخبروهم بالماء فاقبلوا قال وأم إسماعيل عند الماء فقالوا به أتأذنين لنا ان ننزل عندك قالت نعم ولكن لا حق لكم في الماء قالوا نعم قال ابن عباس قال النبي صلى الله عليه وسلم فألفى ذلك أم إسماعيل وهي تحب الانس فنزلوا وأرسلوا إلى أهليهم فنزلوا معهم حتى إذا كان بها أهل أبيات منهم وشب الغلام وتعلم العربية منهم وأنفسهم وأعجبهم حين شب فلما أدرك زوجوه امرأة منهم وماتت أم إسماعيل فجاء إبراهيم بعدما تزوج إسماعيل يطالع تركته فلم يجد إسماعيل فسأل زوجته عنه فقالت خرج يبتغى لنا ثم سألها عن عيشهم وهيئتهم فقالت نحن بشر نحن في ضيق وشدة وشكت إليه قال إذا جاء زوجك فاقرئي عليه
(١٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 ... » »»
الفهرست