الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ١ - الصفحة ١٢٠
يصرفه إلى قبلته التي رضى لنفسه ولأنبيائه فصلى إلى الميزاب وهو بالمدينة ثم قدم مكة فكان يصلى إلى المقام ما كان بمكة * وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير عن مجاهد في قوله واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى قال مدعى * وأخرج الأزرقي عن كثير بن أبى كثير بن المطلب بن أبى وداعة السهمي عن أبيه عن جده قال كانت السيول تدخل المسجد الحرام من باب بنى شيبة الكبير قبل ان يردم عمر الردم الأعلى فكانت السيول ربما رفعت المقام عن موضعه وربما نحته إلى وجه الكعبة حتى جاء سيل أم نهشل في خلافه عمر بن الخطاب فاحتمل المقام من موضعه هذا فذهب به حتى وجد بأسفل مكة فأتى به فربط إلى أستار الكعبة وكتب في ذلك إلى عمر فاقبل فزعا في شهر رمضان وقد عفى موضعه وعفاه السيل فدعا عمر بالناس فقال أنشد الله عبدا علم في هذا المقام فقال المطلب بن أبى وداعة أنا يا أمير المؤمنين عندي ذلك قد كنت أخشى عليه هذا فأخذت قدره من موضعه إلى الركن ومن موضعه إلى باب الحجر ومن موضعه إلى زمزم بمقاط وهو عندي في البيت فقال له عمر فاجلس عندي وأرسل إليه فجلس عنده وأرسل فأتى بها فمدها فوجدها مستوية إلى موضعه هذا فسال الناس وشاورهم فقالوا نعم هذا موضعه فلما استثبت ذلك عمر وحق عنده أمر به فاعلم ببناء ربضة تحت المقام ثم حوله فهو في مكانه هذا إلى اليوم * وأخرج الأزرقي من طريق سفيان بن عيينة عن حبيب بن الأشرس قال كان سيل أم نهشل قبل ان يعمل عمر الردم بأعلى مكة فاحتمل المقام من مكانه فلم يدر أين موضعه فلما قدم عمر بن الخطاب سال من يعلم موضعه فقال عبد المطلب بن أبي وداعة انا يا أمير المؤمنين قد كنت قدرته وذرعته بمقاط وتخوفت عليه هذا من الحجر إليه ومن الركن إليه ومن وجه الكعبة فقال ائت به فجاء به فوضعه في موضعه هذا وعمل عمر الردم عند ذلك قال سفيان فذلك الذي حدثنا هشام بن عروة عن أبيه ان المقام كان عند سقع البيت فاما موضعه الذي هو موضعه فموضعه الآن وأما ما يقول الناس انه كان هنالك موضعه فلا * وأخرج الأزرقي عن ابن أبي مليكة قال موضع المقام هذا هو الذي به اليوم هو موضعه في الجاهلية وفي عهد النبي وأبى بكر وعمر الا ان السيل ذهب به في خلافة عمر فجعل في وجه الكعبة حتى قدم عمر فرده بمحضر الناس * وأخرج البيهقي في سننه عن عائشة ان المقام كان في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وزمان أبى بكر ملتصقا بالبيت ثم أخره عمر بن الخطاب * وأخرج ابن سعد عن مجاهد قال قال عمر بن الخطاب من له علم بموضع المقام حيث كان فقال أبو وداعة بن صبيرة السهمي عندي يا أمير المؤمنين قدرته إلى الباب وقدرته إلى ركن الحجر وقدرته إلى الركن الأسود وقدرته فقال عمر هاته فاخذه عمر فرده إلى موضعه اليوم للمقدار الذي جاء به أبو وداعة * وأخرج الحميدي وابن النجار عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من طاف بالبيت سبعا وصلى خلف المقام ركعتين وشرب من ماء زمزم غفرت له ذنوبه كلها بالغة ما بلغت * وأخرج الأزرقي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المرء يريد الطواف بالبيت أقبل يخوض الرحمة فإذا دخله غمرته ثم لا يرفع قدما ولا يضع قدما الا كتب الله له بكل قدم خمسمائة حسنة وحط عنه خمسمائة سيئة ورفعت له خمسمائة درجة فإذا فرغ من طوافه فأتى مقام إبراهيم فصلى ركعتين دبر المقام خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه وكتب له أجر عتق عشر رقاب من ولد إسماعيل واستقبله ملك على الركن فقال له استأنف العمل فيما بقى فقد كفيت ما مضى وشفع في سبعين من أهل بيته * وأخرج أبو داود عن أبي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دخل مكة طاف بالبيت وصلى ركعتين خلف المقام يعنى يوم الفتح * وأخرج البخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجة عن عبد الله بن أبي أوفى ان رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر فطاف بالبيت وصلى خلف المقام ركعتين * وأخرج الأزرقي عن طلق بن حبيب قال كنا جلوسا مع عبد الله بن عمرو بن العاص في الحجر إذ قلص الظل وقامت المجالس إذا نحن ببريق أيم ظلع من هذا الباب يعنى من باب بنى شيبة والأيم الحية الذكر فاشرأبت له أعين الناس فطاف بالبيت سبعا وصلى ركعتين وراء المقام فقمنا إليه فقلنا أيها المعتمر قد قضى الله نسكك وان بأرضنا عبيدا وسفهاء وانما نخشى عليك منهم فكوم برأسه كومة بطحاء فوضع ذنبه عليها فسما بالسماء حتى ما نراه * وأخرج الأزرقي عن أبي الطفيل قال كانت امرأة من الجن في الجاهلية تسكن ذا طوى وكان لها ابن ولم يكن لها ولد غيره فكانت تحبه حبا شديدا وكان شريفا في قومه فتزوج وأتى زوجته فلما
(١٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 ... » »»
الفهرست