بشئ من إنفاقهم ذلك وهو كسبهم تعالى والله لا يهدى القوم الكافرين أما عموم يراد به الخصوص ويحتمل لا يهديهم في كفرهم إذ هو ضلال محض ويحتمل لا يهديهم في صدقاتهم وأعمالهم وهم على الكفر وقوله تعالى الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضات الله الآية من أساليب فصاحة القرآن أنه يأتي فيه ذكر نقيض ما يتقدم ذكره ليتبين حال التضاد بعرضها على الذهن ولما ذكر الله صدقات القوم الذين لا خلاق لصدقاتهم ونهى المؤمنين عن مواقعة ما يشبه ذلك بوجه ما عقب في هذه الآية بذكر نفقات القوم الذين بذلوا صدقاتهم على وجهها في الشرع فضرب لها مثلا وتقدير الكلام ومثل نفقة الذين ينفقون كمثل غارس جنة أو تقدر الإضمار فئ اخر الكلام دون إضمار في أوله كأنه قال كمثل غارس جنة وابتغاء معناه طلب وهو مصدر في موضع الحال وتثبيتا مصدر ومرضات مصدر من رضي وقال ص ابتغاء مرضات الله وتثبيتها كلاهما مفعول من اجله وقاله مكي ورده ابن عطية بان ابتغاء لا يكون مفعولا من اجله لعطف وتثبيتا عليه ولا يصح في تثبيت أن يكون مفعولا من أجله لأن الانفاق ليس من أجل التثبيت وأجيب بأنه يمكن أن يقدر مفعول التثبيت الثواب أي وتحصيلا لأنفسهم الثواب على تلك النفقة فيصح أن يكون مفعولا من أجله ثم قال أبو حيان بعد كلام والمعنى أنهم يثبتون من أنفسهم على الإيمان وما يرجونه من الله تعالى بهذا العمل انتهى
(٥٢٠)