وكانت العرب قد جعل الله لها الشهر الحرام قواما تعتدل عنده، فكانت لا تسفك دما، ولا تغير في الأشهر الحرم، وهي ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم ورجب، وروى جابر بن عبد الله، أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يغزو فيها إلا أن يغزى، فذلك قوله تعالى: (قل قتال فيه كبير وصد): مبتدأ مقطوع مما قبله، والخبر " أكبر "، ومعنى الآية، على قوم الجمهور:
إنكم يا كفار قريش تستعظمون علينا القتال في الشهر الحرام، وما تفعلون أنتم من الصد عن سبيل الله لمن أراد الإسلام، وكفركم بالله، وإخراجكم أهل المسجد عنه، كما فعلتم برسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، أكبر جرما عند الله.
قال الزهري ومجاهد وغيرهما: قوله تعالى: (قل قتال فيه كبير) منسوخ.
* ص *: وسبيل الله: دينه، و (المسجد): قراءة الجمهور بالخفض، قال المبرد، وتبعه ابن عطية وغيره: هو معطوف على (سبيل الله)، ورد بأنه حينئذ يكون متعلقا ب " صد "، أي: وصد عن سبيل الله، وعن المسجد الحرام، فيلزم الفصل بين المصدر، وهو " صد " وبين معموله، وهو " المسجد " بأجنبي، وهو: " وكفر به "، ولا يجوز.
وقيل: معطوف على ضمير " به "، أي: وكفر به، وبالمسجد، ورد بأن فيه عطفا على الضمير المجرور من غير إعادة الخافض، ولا يجوز عند جمهور البصريين، وأجازه الكوفيون، ويونس، وأبو الحسن والشلوبين، والمختار جوازه، لكثرته سماعا، ومنه