في شئ. وقيل: هو على التقديم والتأخير بغير حذف، والمعنى: قد أفلح من زكاها، وقد خاب من دساها، والشمس وضحاها. " أفلح " فاز. " من زكاها " أي من زكى الله نفسه بالطاعة.
(وقد خاب من دساها) أي خسرت نفس دسها الله عز وجل بالمعصية. وقال ابن عباس:
خابت نفس أضلها وأغواها. وقيل: أفلح من زكى نفسه بطاعة الله، وصالح الأعمال، وخاب من دس نفسه في المعاصي، قال قتادة وغيره. وأصل الزكاة: النمو والزيادة، ومنه زكا الزرع:
إذا كثر ريعه، ومنه تزكية القاضي للشاهد، لأنه يرفعه بالتعديل، وذكر الجميل. وقد تقدم هذا المعنى في أول سورة " البقرة " (1) مستوفى. فمصطنع المعروف والمبادر إلى أعمال البر، شهر نفسه ورفعها.
وكانت أجواد العرب تنزل الربا وارتفاع الأرض، ليشتهر مكانها للمعتفين (2)، وتوقد النار في الليل للطارقين. وكانت اللئام تنزل الأولاج والأطراف والاهضام (3)، ليخفى مكانها عن الطالبين.
فأولئك علوا أنفسهم وزكوها، وهؤلاء أخفوا أنفسهم ودسوها. وكذا الفاجر أبدا خفي المكان، زمر (4) المروءة غامض الشخص، ناكس الرأس بركوب المعاصي. وقيل: دساها: أغواها. قال:
وأنت الذي دسيت عمرا فأصبحت * حلائله منه أرامل ضيعا (5) قال أهل اللغة: والأصل: دسسها، من التدسيس، وهو إخفاء الشئ في الشئ، فأبدلت سينه ياء، كما يقال: قصيت أظفاري، وأصله قصصت أظفاري. ومثله قولهم في تقضض: تقضي.
وقال ابن الأعرابي: " وقد خاب من دساها " أي دس نفسه في جملة الصالحين وليس منهم.
قوله تعالى: كذبت ثمود بطغواها (11) إذ انبعث أشقاها (12) فقال لهم رسول الله ناقة الله وسقيها (13) فكذبوه فعقروها فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها (14)