بالقوة والآلات والأسباب الميسرة للامر. الحادي عشر - أنه الطاعة والانقياد. حكى الأخفش عن أعرابي فصيح: لو قد نزلنا لصنعت بناقتك صنيعا تعطيك الماعون أي تنقاد لك وتطيعك. قال الراجز:
متى تصادفهن (1) في البرين * يخضعن أو يعطين بالماعون (2) وقيل: هو ما لا يحل منعه، كالماء والملح والنار، لان عائشة رضوان الله عليها قالت: قلت يا رسول الله، ما الشئ الذي لا يحل منعه؟ قال: [الماء والنار والملح] قلت: يا رسول الله هذا الماء، فما بال النار والملح؟ فقال: [يا عائشة من أعطى نارا فكأنما تصدق بجميع ما طبخ بتلك النار، ومن أعطى ملحا فكأنما تصدق بجميع ما طيب به ذلك الملح، ومن سقى شربة من الماء حيث يوجد الماء، فكأنما أعتق ستين نسمة. ومن سقى شربة من الماء حيث لا يوجد، فكأنما أحيا نفسا، ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا]. ذكره الثعلبي في تفسيره، وخرجه ابن ماجة في سننه. وفي إسناده لين، وهو القول الثاني عشر. الماوردي: ويحتمل أنه المعونة بما خف فعله وقد ثقله الله. والله أعلم. وقيل لعكرمة مولى ابن عباس: من منع شيئا من المتاع كان له الويل؟ فقال: لا، ولكن من جمع ثلاثهن فله الويل، يعني: ترك الصلاة، والرياء، والبخل بالماعون.
قلت: كونها في المنافقين أشبه، وبهم أخلق، لأنهم جمعوا الأوصاف الثلاثة: ترك الصلاة، والرياء، والبخل بالمال، قال الله تعالى: " وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا " (3) [النساء: 142]، وقال: " ولا ينفقون إلا وهم كارهون " (4) [التوبة: 54].
وهذه أحوالهم ويبعد أن توجد من مسلم محقق، وإن وجد بعضها فيلحقه جزء من التوبيخ، وذلك في منع الماعون إذا تعين، كالصلاة إذا تركها. والله أعلم. إنما يكون منعا قبيحا في المروءة في غير حال الضرورة. والله أعلم.