ملائكة بأطباق من نار، ومسامير من نار وعمد من نار، فتطبق عليهم بتلك الاطباق، وتشد عليهم بتلك المسامير وتمد بتلك العمد، فلا يبقى فيها خلل يدخل فيه روح، ولا يخرج منه غم، وينساهم الرحمن على عرشه، ويتشاغل أهل الجنة بنعيمهم، ولا يستغيثون بعدها أبدا، وينقطع الكلام، فيكون كلامهم زفيرا وشهيقا، فذلك قوله تعالى: " إنها عليهم مؤصدة. في عمد ممددة ".
وقال قتادة: " عمد " يعذبون بها. واختاره الطبري. وقال ابن عباس: إن العمد الممددة أغلال في أعناقهم. وقيل: قيود في أرجلهم، قاله أبو صالح. وقال القشيري: والمعظم على أن العمد أوتاد الاطباق التي تطبق على أهل النار. وتشد تلك الاطباق بالأوتاد، حتى يرجع عليهم غمها وحرها، فلا يدخل عليهم روح. وقيل: أبواب النار مطبقة عليهم وهم في عمد، أي في سلاسل وأغلال مطولة، وهي أحكم وأرسخ من القصيرة. وقيل: هم في عمد ممددة، أي في عذابها وآلامها يضربون بها. وقيل: المعنى في دهر ممدود، أي لا انقطاع له. وقرأ حمزة والكسائي وأبو بكر عن عاصم " في عمد " بضم العين والميم: جمع عمود. وكذلك " عمد " أيضا. قال الفراء: والعمد والعمد: جمعان صحيحان لعمود، مثل أديم وأدم وأدم، وأفيق وأفق وأفق. أبو عبيدة: عمد: جمع عماد، مثل إهاب. وأختار أبو عبيد " عمد " بفتحتين. وكذلك أبو حاتم، اعتبارا بقوله تعالى: " رفع السماوات بغير عمد ترونها " (2) [الرعد: 2]. وأجمعوا على فتحها. قال الجوهري: العمود: عمود البيت، وجمع القلة: أعمدة، وجمع الكثرة عمد، وعمد، وقرئ بهما قوله تعالى: " في عمود ممددة ". وقال أبو عبيدة: العمود، كل مستطيل من خشب أو حديد، وهو أصل للبناء مثل العماد. عمدت الشئ فانعمد، أي أقمته بعماد يعتمد عليه. وأعمدته جعلت تحته عمدا. والله أعلم.