واختار هذا القول النحاس، قال: ومنه قوله تعالى " ومنهم من يلمزك في الصدقات " (1) [التوبة: 58].
وقال مقاتل ضد هذا الكلام: إن الهمزة: الذي يغتاب بالغيبة، واللمزة: الذي يغتاب في الوجه. وقال قتادة ومجاهد: الهمزة: الطعان في الناس، والهمزة: الطعان في أنسابهم.
وقال ابن زيد الهامز: الذي يهمز الناس بيده ويضربهم، واللمزة: الذي يلمزهم بلسانه ويعيبهم. وقال سفيان الثوري يهمز بلسانه، ويلمز بعينيه. وقال ابن كيسان: الهمزة الذي يؤذي جلساءه بسوء اللفظ، واللمزة: الذي يكسر عينه على جليسه، ويشير بعينه ورأسه وبحاجبيه. وقال مرة: هما سواء، وهو القتات الطعان للمرء إذا غاب. وقال زياد الأعجم:
تدلى بودي إذا لاقيتني كذبا * وإن أغيب فأنت الهامز اللمزه وقال آخر:
إذا لقيتك عن سخط تكاشرني * وإن تغيبت كنت الهامز اللمزه الشحط: العبد. والهمزة: اسم وضع للمبالغة في هذا المعنى، كما يقال: سخرة وضحكة:
للذي يسخر ويضحك بالناس. وقرأ أبو جعفر محمد بن علي والأعرج " همزة لمزة " بسكون الميم فيهما. فإن صح ذلك عنهما، فهي في معنى المفعول، وهو الذي يتعرض للناس حتى يهمزوه ويضحكوا منه، ويحملهم على الاغتياب. وقرأ عبد الله بن مسعود وأبو وائل والنخعي والأعمش: " ويل للهمزة اللمزة ". وأصل الهمز: الكسر، والعض على الشئ بعنف، ومنه همز الحرف. ويقال: همزت رأسه. وهمزت الجوز بكفي كسرته. وقيل لاعرابي:
أتهمزون (الفارة)؟ فقال: إنما تهمزها الهرة. الذي في الصحاح: وقيل لاعرابي أتهمز الفارة؟
فقال السنور يهمزها. والأول قاله الثعلبي، وهو يدل على أن الهر يسمى الهمزة. قال العجاج:
* ومن همزنا رأسه تهشما * وقيل: أصل الهمز واللمز: الدفع والضرب. لمزه يلمزه لمزا: إذا ضربه ودفعه.
وكذلك همزه: أي دفعه وضربه. قال الراجز:
ومن همزنا عزه تبركعا * على أسته زوبعة أو زوبعا