وقد ذكر أبو نعيم الحافظ، عن أبي عسيب مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:
خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلا، فخرجت إليه، ثم مر بأبي بكر فدعاه، فخرج إليه، ثم مر بعمر فدعاه، فخرج إليه، فانطلق حتى دخل حائطا لبعض الأنصار، فقال لصاحب الحائط: (أطعمنا بسرا) فجاء بعذق، فوضعه فأكلوا، ثم دعا بماء فشرب، فقال: (لتسألن عن هذا يوم القيامة) قال: وأخذ عمر العذق، فضرب به الأرض حتى تناثر البسر نحو وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا رسول الله، إنا لمسؤولون عن هذا يوم القيامة؟ قال: (نعم إلا من ثلاث: كسرة يسد بها جوعته، أو ثوب يستر به عورته، أو حجر يأوي فيه من الحر والقر).
واختلف أهل التأويل في النعيم المسؤول عنه على عشرة أقوال:
أحدها: الامن والصحة، قاله ابن مسعود. الثاني - الصحة والفراغ، قاله سعيد بن جبير.
وفي البخاري عنه عليه السلام: (نعمتان (1) مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ). الثالث - الادراك بحواس السمع والبصر، قاله ابن عباس. وفي التنزيل: " إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان (2) عنه مسؤولا " [الاسراء: 36]. وفي الصحيح عن أبي هريرة وأبي سعيد قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يؤتي بالعبد يوم القيامة، فيقول له: ألم أجعل لك سمعا وبصرا، ومالا وولدا...)، الحديث. خرجه الترمذي وقال فيه: حديث حسن صحيح. الرابع - ملاذ المأكول والمشروب قاله جابر بن عبد الله الأنصاري. وحديث أبي هريرة يدل عليه. الخامس - أنه الغداء والعشاء، قاله الحسن. السادس - قول مكحول الشامي -: أنه شبع البطون وبارد الشراب، وظلال المساكن، واعتدال الخلق، ولذة النوم. ورواه زيد بن أسلم عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لتسألن يومئذ عن النعيم) يعني عن شبع البطون...).
فذكره. ذكره الماوردي، وقال: وهذا السؤال يعم الكافر والمؤمن، إلا أن سؤال المؤمن